7310  - واحتجوا في ذلك بما حدثني به غير واحد من أصحابنا رحمهم الله ، منهم  علي بن سعيد بن بشير الرازي  ، قال : ثنا  أبو همام الوليد بن شجاع الكوفي  ، قال : ثنا  أبي  ، قال : ثنا  أبو خيثمة  ، قال : ثنا  الحسين الكوفي ابن الحر  ، قال : حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك  ، عن  محمد بن عمرو بن عطاء  رضي الله عنه ، أحد بني مالك عن  عياش - أو عباس بن سهل الساعدي   - وكان في مجلس فيه أبوه ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي المجلس  أبو هريرة  ، وأبو أسيد  ، وأبو حميد الساعدي  ، والأنصار  ، رضي الله عنهم ، أنهم تذاكروا الصلاة . 
 [ ص: 355 ] فقال  أبو حميد   : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اتبعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
قالوا : فأرنا ، فقام يصلي وهم ينظرون ، فكبر ورفع يديه في أول التكبير ، ثم ذكر حديثا طويلا ، ذكر فيه : أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى قام ولم يتورك   . 
فلما جاء هذا الحديث على ما ذكرنا ، وخالف الحديث الأول ، احتمل أن يكون ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول ؛ لعلة كانت به ، فقعد من أجلها ، لا لأن ذلك من سنة الصلاة ، كما قد كان  ابن عمر  رضي الله عنهما يتربع بالصلاة ، فلما سئل عن ذلك قال : إن رجلي لا تحملاني . 
فكذلك يحتمل أن يكون ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك القعود ، كان لعلة أصابته ، حتى لا يضاد ذلك ما روي عنه في الحديث الآخر ، ولا يخالفه . 
وهذا أولى بنا من حمل ما روي عنه على التضاد والتنافي . 
وحديث  أبي حميد  أيضا فيه حكاية  أبي حميد  ما حكي بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكر ذلك عليه أحد منهم . 
فدل ذلك أن ما عندهم في ذلك غير مخالف لما حكاه لهم . 
وفي حديث مالك بن الحويرث  رضي الله عنه ، في كلام أيوب  أن ما كان عمرو بن سلمة  يفعل من ذلك لم يكن يرى الناس يفعلونه ، وهو فقد رأى جماعة من جملة التابعين . 
فذلك حجة في دفع ما روي عن  أبي قلابة  عن  مالك  أن يكون سنة . 
ثم النظر من بعد هذا يوافق ما روى  أبو حميد  رضي الله عنه . 
وذلك أنا رأينا الرجل إذا خرج في صلاته من حال إلى حال استأنف ذكرا . 
من ذلك أنا رأيناه إذا أراد الركوع كبر وخر راكعا ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، قال : سمع الله لمن حمده ، وإذا خر من القيام إلى السجود فقال : الله أكبر ، وإذا رفع رأسه من السجود قال : الله أكبر ، وإذا عاد إلى السجود فعل ذلك أيضا ، وإذا رفع رأسه لم يكبر من بعد رفعه رأسه إلى أن يستوي قائما ، غير تكبيرة واحدة . 
فدل ذلك أنه ليس بين سجوده وقيامه جلوس . 
ولو كان بينهما جلوس ؛ لاحتاج أن يكون تكبيره بعد رفعه رأسه من السجود ، للدخول في ذلك الجلوس ، ولاحتاج إلى تكبير آخر ، إذا نهض للقيام . 
فلما لم يؤمر بذلك ، ثبت أن لا قعود بين الرفع من السجدة الأخيرة ، والقيام إلى الركعة التي بعدها ؛ ليكون حكم ذلك وحكم سائر الصلوات مؤتلفا غير مختلف . 
 [ ص: 356 ] فبهذا نأخذ وهو قول  أبي حنيفة  ،  وأبي يوسف  ،  ومحمد بن الحسن  ، رحمة الله عليهم أجمعين . 
				
						
						
