أكل لحوم الحمر الأهلية أخبرنا  مالك  عن شهاب  عن عبد الله  والحسن  ابني  محمد بن علي   ، عن أبيهما عن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنهم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عام خيبر  عن نكاح المتعة ، وعن لحوم الحمر الأهلية   } . 
( قال  الشافعي    ) سمعت سفيان  يحدث عن الزهري  أخبرنا عبد الله  والحسن  ابنا  محمد بن علي   ، وكان الحسن  أرضاهما ، عن  علي  رضي الله عنه . 
( قال  الشافعي    ) في هذا الحديث دلالتان . إحداهما تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية والأخرى  ، إباحة لحوم حمر الوحش ، لأنه لا صنف من الحمر إلا الأهلي والوحشي ، فإذا قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحريم قصد الأهلي ، ثم وصفه ، دل على أنه أخرج الوحشي من التحريم وهذا مثل نهيه عن كل ذي ناب من السباع . فقصد بالنهي . 
قصد عين دون عين . فحرم ما نهى عنه . وحل ما خرج من تلك الصفة سواه . مع أنه قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة أكل حمر الوحش . أمر  أبا بكر  رضي الله عنه أن يقسم حمارا وحشيا قتله  أبو قتادة  بين الرفقة . وحديث  طلحة  أنهم أكلوا معه لحم حمار وحشي . 
( قال  الشافعي    ) وخلق الحمر الأهلية يباين خلق الحمر الوحشية مباينة يعرفها أهل الخبرة بها . فلو توحش أهلي لم يحل أكله . 
وكان على الأصل في التحريم . ولو استأهل وحشي لم يحرم أكله وكان على الأصل في التحليل . ولا يذبحه المحرم وإن استأهل . ولو نزا حمار أهلي على فرس أو فرس على أتان أهلية  ، لم يحل أكل ما نتج بينهما . لست أنظر في ذلك إلى أيهما النازي . لأن الولد منهما . فلا يحل حتى يكون لحمهما معا حلالا . وكل ما عرف فيه حمار أهلي من قبل أب أو أم . لم يحل أكله بحال أبدا . ولا أكل نسله . ولو نزا حمار وحشي على فرس . أو فرس على أتان وحشي  حل أكل ما ولد بينهما لأنهما مباحان معا . وهكذا لو أن غرابا أو ذكر حدأ أو بغاثا تجثم حبارى . أو ذكر حبارى أو طائر يحل لحمه تجثم غرابا أو حدأ أو  [ ص: 276 ] صقرا أو ثيران فباضت وأفرخت . لم يحل أكل فراخها من ذلك التجثم . لاختلاط المحرم والحلال فيه . ألا ترى أن خمرا لو اختلطت بلبن . أو ودك خنزير بسمن . أو محرما بحلال فصارا لا يزيل أحدهما من الآخر حرم أن يكون مأكولا . ولو أن صيدا أصيب أو بيض صيد . فأشكلت خلقته . فلم يدر لعل أحد أبويه مما لا يحل أكله والآخر يحل أكله ، كان الاحتياط . الكف عن أكله . والقياس أن ينظر إلى خلقته فأيهما كان أولى بخلقته جعل حكمه حكمه . إن كان الذي يحل أكله أولى بخلقته أكله . وإن كان الذي يحرم أكله أولى بخلقته لم يأكله . وذلك مثل أن ينزو حمار إنسي أتانا وحشية أو أتانا إنسية . ولو نزا حمار وحشي فرسا أو فرس أتانا وحشيا  لم يكن بأكله بأس . لأن كليهما مما يحل أكله . وإذا توحش واصطيد ، أكل بما يؤكل به الصيد . وهكذا القول في صغار أولاده وفراخه وبيضه ، لا يختلف . وما قتل المحرم من صيد يؤكل لحمه ، فداه وكذلك يفدي ما أصاب من بيضه . وما قتل من صيد لا يؤكل لحمه . أو أصاب من بيضه لم يفده . ولو أن ذئبا نزا على ضبع فجاءت بولد فإنها تأتي بولد لا يشبهها محضا ولا الذئب محضا يقال له السبع  ، لا يحل أكله لما وصفت من اختلاط المحرم والحلال ، وأنهما لا يتميزان فيه . 
				
						
						
