ذكر وصف كتب النبي صلى الله عليه وسلم 
 6555  - أخبرنا  ابن قتيبة  ، بعسقلان  حدثنا  ابن أبي السري  حدثنا  عبد الرزاق  أخبرنا  معمر  عن  الزهري  عن  عبيد الله بن عبد الله  عن  ابن عباس  حدثني  أبو سفيان بن حرب  ، من فيه إلى في ، قال : انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا أنا بالشام  إذ جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل  ، جاء به  دحية الكلبي  ، فدفعه إلى عظيم بصرى ، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل  ، فقال هرقل   :  [ ص: 493 ] هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا : نعم ، فدعيت في نفر من قريش  ، فدخلنا على هرقل  ، فأجلسنا بين يديه ، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان   : فقلت : أنا ، فأجلسوني بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا ترجمانه ، فقال : قل لهم إني سائل هذا الرجل عن هذا الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذبني فكذبوه . قال أبو سفيان   : والله ، لولا مخافة أن يؤثر عني الكذب لكذبته . 
ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قال : قلت : هو فينا ذو حسب . قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا . قال : فهل أنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : من تبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم . قال : فهل يزيدون أم ينقصون ؟ قال : قلت : بل يزيدون . قال : فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قال : قلت : لا . قال : فهل قاتلتموه ؟ قال : قلت : نعم . قال : كيف كان قتالكم إياه ؟ قال : قلت : تكون الحرب سجالا بيننا وبينه ، يصيب منا ، ونصيب منه . قال : فهل يغدر ؟ قال : قلت : لا ، ونحن منه في مدة أو قال : هدنة ، لا ندري ما هو صانع فيها ، ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه . قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قال : قلت : لا . 
 [ ص: 494 ] ثم قال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن حسبه فيكم ، فزعمت أنه فيكم ذو حسب ، فكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها . 
وسألتك : هل كان في آبائه ملك ، فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان في آبائه ملك ، قلت : رجل يطلب ملك آبائه . 
وسألتك عن أتباعه : أضعفاء الناس أم أشرافهم ؟ فقلت : بل ، ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل . 
وسألتك : هل كنتم تتهمونه قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت : أن لا ، وقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله . 
وسألتك : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالطه بشاشة القلوب . 
وسألتك : هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم . 
وسألتك : هل قاتلتموه ؟ فزعمت أن الحرب بينكم وبينه سجال ، تنالون منه ، وينال منكم ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة . 
وسألتك : هل يغدر ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الأنبياء لا تغدر . 
 [ ص: 495 ] وسألتك : هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان قال هذا القول أحد قبله ، قلت : رجل يأتم بقول قبل قوله . 
قال : ثم ما يأمركم ؟ قال : قلت : يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف . 
قال : إن يكن ما تقول فيه حقا ، فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أظن أنه منكم ، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي . 
قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ فإذا فيه : 
بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى هرقل  عظيم الروم  ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين   : يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله   . إلى قوله : اشهدوا بأنا مسلمون  
فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده ، وكثر اللغط ، فأمر بنا ، فأخرجنا ، فقلت لأصحابي حين خرجنا : لقد جل أمر ابن أبي كبشة ، إنه ليخافه ملك بني الأصفر   . قال : فما زلت  [ ص: 496 ] موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					