الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1043 [ 537 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله nindex.php?page=hadith&LINKID=658051أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : nindex.php?page=treesubj&link=30525_26391لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد (1 \ 402 و 449 و 461)، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم (652) .
[ ص: 276 ] (77) ومن باب : التغليظ في التخلف عن الجماعة
nindex.php?page=treesubj&link=32778_32783_30563ثقل صلاة العشاء والفجر على المنافقين للمشقة اللاحقة من المحافظة عليهما لأنهما في وقت نوم وركون إلى الراحة ، ولمشقة الخروج إليهما في الظلمة ، إلى غير ذلك ، فلا يتجشم هذه المشاق إلا من تيقن ثواب الله ورجاه وخاف عقاب الله واتقاه ، وذلك هو المؤمن . وأما المنافق فكما قال الله تعالى فيهم : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا [ النساء : 142]
وقوله “ ولو يعلمون ما فيهما " ; أي في فعلهما من الثواب وفي تركهما من العقاب " لأتوهما " أي لجاؤوا إليهما " ولو حبوا " ; أي محتبين يزحفون على ألياتهم من مرض أو آفة .
وقوله “ ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام " إلى قوله " فأحرق عليهم " ، استدل بهذا الهم داود nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور على أن صلاة الجماعة فرض ، ولا حجة لهم فيه ; لأنه هم ولم يفعل ، وإنما مخرجه مخرج التهديد والوعيد للمنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الجماعة والجمعة ، وقد كان nindex.php?page=treesubj&link=1609التخلف عن الصلاة في الجماعة علامة من علامات النفاق عندهم كما قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : [ ص: 277 ] لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق . وكما قال صلى الله عليه وسلم : بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح ، لا يستطيعونهما !
ويفيد هذا الحديث تأكد أمر شهود الصلوات في الجماعة ، ولذلك قال جماعة من أمتنا : إن الجماعة فيها واجبة على الكفاية ، من أجل أن إقامة السنن وإحياءها واجب على الكفاية ; أي تركها يؤدي إلى إماتتها . وذهب عامة العلماء إلى أنها سنة مؤكدة ، كما قد دللنا عليه بقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=843734صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ " ; إذ حاصله أن صلاة الفذ صحيحة ووقوعها في الجماعة أفضل . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : اختلف في nindex.php?page=treesubj&link=28218التمالؤ على ترك ظاهر السنن هل يقاتل عليه أم لا ؟ والصحيح قتالهم ; لأن في التمالي عليها إماتتها .
قلت : ويحتمل أن يكون ذلك التهديد لقوم من المؤمنين صلوا في بيوتهم لأمر توهموه مانعا ولم يكن كذلك . ويؤيد هذا التأويل ما في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من الزيادة في هذا الحديث ، فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=672385لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب ، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم . والمنافقون لا يصلون في بيوتهم ، إنما يصلون في الجماعة رياء وسمعة ، وأما إذا خلوا فكما وصفهم الله تعالى به من الكفر والاستهزاء . وعلى هذا التأويل تكون هذه الجماعة المهدد على التخلف عنها هي الجمعة ، كما قد نص عليه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، فيحمل المطلق منهما على المقيد ، والله تعالى أعلم .
وفي هذا الحديث دليل على جواز العقوبة في المال .
وفي قوله " ثم تحرق بيوت على من فيها " ما يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=23392تارك الصلاة [ ص: 278 ] متهاونا يقتل ، وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرة .
وقوله “ ولو علم أحدهم أنه يجد عظما سمينا لشهدها " ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في آخر هذا الحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=650608والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء ! والعرق والعراق : العظم الذي عليه اللحم . والمرماة - بكسر الميم - صحيح الرواية فيه كذلك . وقد اختلف فيها ; فقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : هما السهمان . وقال الأخنس : المرماة لعبة كانوا يلعبونها بنصال محددة يرمونها في كوم من تراب ، فأيهم أثبتها في الكوم غلب . وهي المرماة والمدحاة ، والجمع مرام ومداح . وقال أبو عبيد : المرماة ما بين ظلفي الشاة . ومعنى هذا الحديث أن المنافق لجهله بما أعد الله على شهودها في الجماعة يكسل عنها وتثقل عليه ، ولقلة رغبته في أعمال الخير ، فلو عن له حظ يسير من الدنيا كالمرماة أو كالعرق لبادر إليه وأتى المسجد في أي وقت كان إذا كان ذلك الحظ في المسجد ، والله تعالى أعلم .