[ ص: 296 ]   ( فصل ) مستند الصحابي نوعان    . أحدهما لا خلاف فيه ، لكونه لا يحتمل غير ما يدل عليه اللفظ لصراحته ، وهو المشار إليه بقوله ( أعلى مستند صحابي : حدثني ) رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بكذا أو أخبرني ، أو شافهني وسمعته يقول كذا ( ورأيته يفعل ) كذا ( ونحوهما ) كحضرت أو شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا ، أو يفعل كذا ، وإنما كان هذا أعلى النوعين ، لكونه يدل على عدم الواسطة بينهما قطعا . النوع الثاني : ما فيه خلاف لكونه يحتمل وجود الواسطة بينهما لعدم صراحته . وإلى ذلك أشير بقوله ( ويحمل ) أي قول الصحابي ( قال ) النبي صلى الله عليه وسلم كذا ( و ) قول الصحابي ( فعل ) رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ( ونحوهما ) كأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم على كذا ( وعنه ) كقول الصحابي : أقول ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( و ) كقوله ( إنه ) أي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كذا ، أو قال كذا ( على الاتصال ) أي يحمل على أنه لا واسطة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح الذي عليه أصحابنا وأكثر العلماء . ويكون ذلك حكما شرعيا يجب العمل به ; لأنه الظاهر من حال الصحابي القائل ذلك . وخالف في ذلك  أبو الخطاب  من أصحابنا وجمع من العلماء . فقالوا : لا يحمل على السماع لاحتماله وتردده بين سماعه منه ومن غيره ( و ) قول الصحابي ( أمر ) النبي صلى الله عليه وسلم بكذا ( ونهى ) النبي صلى الله عليه وسلم عن كذا ( وأمرنا ) رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ( ونهانا ) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ( وأمرنا ) بالبناء للمفعول بكذا ( ونهينا ) بالبناء للمفعول عن كذا ( ورخص لنا ) في كذا ، وأبيح لنا كذا ( وحرم علينا ) كذا ( ومن السنة ) كذا وكذا . وقوله : جرت السنة أو مضت السنة بكذا . كقول  علي  رضي الله عنه { من السنة : وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة   } رواه  أبو داود    . وقول  أنس    { من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا   } - الحديث متفق عليه ( وكنا نفعل )  [ ص: 297 ] كذا أو نقول كذا ، أو نرى كذا على عهده صلى الله عليه وسلم ( وكانوا يفعلون كذا على عهده صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك ) كقوله : كان الأمر على ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ( حجة ) يعني أن حكم ذلك حكم قول الصحابي " قال النبي صلى الله عليه وسلم " لكنه في الدلالة دون ذلك ، لاحتمال الواسطة أو اعتقاد ما ليس بأمر ولا نهي : أمرا أو نهيا ، لكن الظاهر أنه لم يصرح بنقل الأمر إلا بعد جزمه بوجود حقيقته ، ومعرفة الأمر مستفادة من اللغة وهم أهلها ، فلا تخفى عليهم . ثم إنهم لم يكن بينهم في صيغة الأمر ونحوها خلاف ، وخلافنا فيه لا يستلزمه . فعلى هذا يكون حجة ، ورجعت إليه الصحابة وهو الصحيح . وعليه جماهير العلماء . 
وخالف بعض المتكلمين  في ذلك ، وخالف الصيرفي   والباقلاني   وأبو بكر الرازي   والكرخي  الحنفيان ، والإسماعيلي  وإمام الحرمين  ، ونقله  ابن القطان  عن نص  الشافعي  في الجديد في نحو قوله " أمرنا ونهينا " لاحتمال أن الآمر غير النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الناهي . وأجيب عن ذلك : بأن قول الصحابي ذلك : يدل على أنه في معرض الاحتجاج ، فيحمل على صدوره ممن يحتج بقوله ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم . فإنه هو الذي يصدر عنه الأمر والنهي والتحريم والترخيص تبليغا عن الله سبحانه وتعالى ، وإن كان يحتمل أنه من بعض الخلفاء ، لكنه بعيد . فإن المشرع لذلك هو صاحب الشرع ( وقول غير الصحابي عنه ) أي عن الصحابي إذا روى عنه حديثا ( يرفعه ) أي الصحابي ( أو ينميه ) إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( أو يبلغ به ) النبي صلى الله عليه وسلم ( أو يرويه ) عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كمرفوع صريحا ) عند العلماء . قال  ابن الصلاح    : حكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا . وذلك كقول  سعيد بن جبير  عن  ابن عباس    { الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار   } ثم قال " رفع الحديث " رواه  البخاري    . وكحديث  أبي الزناد  عن  الأعرج  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه يبلغ به . قال : { الناس تبع لقريش   } وغيره كثير . وفي الصحيحين عن  أبي هريرة  رواية { تقاتلون  [ ص: 298 ] قوما   } - الحديث " وروى  مالك  عن  أبي حازم  عن  سهل بن سعد    { كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة   } . قال  أبو حازم    : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك " قال  مالك    : هذا لفظ رواية عبد الله بن يوسف    . ورواه  البخاري  من طريق القعنبي  عن  مالك    . فقال " ينمى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصرح برفعه 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					