( وهو ) أي مفهوم الموافقة نوعان  ، نوع ( قطعي ، كرهن مصحف عند ذمي ) احتج  الإمام أحمد  رحمه الله في رهن المصحف عند الذمي بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ، مخافة أن تناله أيديهم فهذا قاطع وكذلك ما تقدم من الأمثلة ، فإنها قطعية ، والقطعي كون التعليل بالمعنى ، وكونه أشد مناسبة للفرع ، وكونهما قطعيين ( و ) نوع ( ظني ) ك ( إذا ردت شهادة فاسق ، فكافر أولى ) برد شهادته ، إذ الكفر فسق وزيادة ، وكون هذا ظنيا هو الصحيح ، اختاره  الموفق  في الروضة والطوفي  في مختصره وشرحه ،  وابن الحاجب  وغيرهم ; لأنه واقع في محل الاجتهاد ، إذ يجوز أن يكون الكافر عدلا في دينه ، فيتحرى الصدق والأمانة ، بخلاف المسلم الفاسق ، فإن مستند قبول شهادته العدالة وهي مفقودة فهو في مظنة الكذب ، إذ لا وازع له عنه ، فهذا ظني غير قاطع . 
وقيل : إن هذا المثال فاسد ; لأن التعليل بكون الكافر أولى بالرد ممنوع ; لما تقدم ومن أمثلة الظني أيضا : ما احتج به  الإمام أحمد  رضي الله تعالى عنه في أنه لا شفعة لذمي على مسلم بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين { ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه   } فهذا مظنون ، وزعم الفخر إسماعيل البغدادي  من أصحابنا في جدله : أنه ليس فيه قطعي ; لاحتمال أن يكون المراد في مفهوم الموافقة غير ما عللوه به ، والأكثر على خلافه ( ومثل ) قول القائل ( إذا جاز سلم مؤجلا ، فحال أولى ، لبعد عن غرر ، وهو المانع : فاسد ) مردود بأن الغرر في العقود مانع من الصحة لا مقتض لها ( إذ لا يثبت حكم لانتفاء مانعه ) ; لأن المانع لا يلزم من عدمه وجود ولا عدم ( بل ) إنما يثبت الحكم ( لوجود مقتضيه ) أي مقتضي الحكم ( و ) المقتضي لصحة السلم ( هو الارتفاق بالأجل ) على ما قرر في كتب الفروع ، كالأجل في الكتابة ، وهو منتف في الحال ، والغرر مانع له ، لكنه احتمل في المؤجل رخصة وتحقيقا للمقتضي ، وهو الارتفاق ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					