ثم قال : فصل فيما يجب على الخصمين في الجدل .  اعلم أنه يجب لكل واحد منهما على صاحبه مثل الذي يجب للآخر عليه من الإجمال في خطابه ، وترك التقطيع  [ ص: 587 ] لكلامه ، والإقبال عليه ، وترك الصياح في وجهه ، والتأمل لما يأتي به ، والتجنب للحدة والضجر عليه ، وترك الحمل له على جحد الضرورة ، إلا من حيث يلزمه ذلك بمذهبه ، وترك الإخراج له عن الحد الذي ينبغي أن يكون عليه في السؤال أو الجواب ، وترك الاستصغار له ، والاحتقار لما يأتي به ، إلا من حيث تلزمه الحجة إياه ، والتنبه له على ذلك إن بدر منه ، أو مناقضته إن ظهرت في كلامه ، وأن لا يمانعه العبارة إذا أدت المعنى . 
وكان الغرض إنما هو في المعنى دون العبارة ، وأن لا يخرج في عبارته عن العادة ، وأن لا يدخل في كلامه ما ليس منه ، ولا يستعمل ما يقتضي التعدي على خصمه ، والتعدي خروجه عما يقتضيه السؤال والجواب ولا يمنعه البناء على أمثلة ، ولا يشنع ما ليس بشنيع في مذهبه ، أو يعود عليه من الشناعة مثله ، ولا يأخذ عليه شرف المجلس للاستظهار عليه 
ولا يستعمل الإبهام بما يخرج عن حد الكلام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					