[ شروط المذهب المختار عند المصنف ] الرابع عشر : وهو المختار عندي تقبل بشروط : أحدها : أن لا تكون منافية لأصل الخبر    . ذكره سليم الرازي    . ثانيها : أن لا تكون عظيمة الوقع ، بحيث لا يذهب عن الحاضرين علمها ونقلها    . أما ما يجل خطره ، فبخلافه . قاله إلكيا الهراسي    . ثالثها : أن لا يكذبه الناقلون في نقل الزيادة ، فإنهم إذا قالوا : شهدنا أول المجلس وآخره مصغين إليه ، مجردين له أذهاننا ، فلم نسمع الزيادة ، فذلك منهم دليل على ضعفه ، فإنه لو كان للاحتمال مجال لم يكذبوه على عدالته ، قاله إمام الحرمين  ، وابن القشيري  ، وإلكيا الطبري  ، والغزالي  في " المنخول " . وقال الإبياري    : أما إذا صرح الآخرون بالنفي واتحد المجلس . فقيل : هو معارض ، فيقدم أقواها . وقيل الإثبات مقدم ، قال : وهو الراجح . 
رابعها : أن لا يخالف الأحفظ والأكثر عددا  ، فإن خالفت ، فظاهر  [ ص: 240 ] كلام  الشافعي  في " الأم " في الكلام على مسألة إعتاق الشريك ما يقتضي أنها مردودة ، ولم يفرق بين بلوغهم إلى حد يمتنع عليهم الغفلة والذهول أم لا ، بل اعتبر المطلق منهما ، فإنه قال في كلامه على زيادة  مالك  وأتباعه في حديث : { وإلا فقد عتق منه ما عتق   } : إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه ، أو يأتي بشيء فيتركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ منه ، وهم عدد وهو منفرد . ا هـ . وقال في حديث سعيد بن أبي عروبة    : { وإن كان معسرا استسعى العبد في قيمته   } هذه الزيادة ، وهي ذكر الاستسعاء ، تفرد بها سعيد  ، وخالف الجماعة ، فلا تقبل ، ولما رأى أصحابه هذا مخالفا لما علموه منه في قبول زيادة الثقة مطلقا ، ولم يحملوا كلامه على ما ذكرنا ، احتاجوا لتأويله ، فقال سليم الرازي    : لم يرد  الشافعي  هذه الجهة ، بل إن رواية الواحد عارضها رواية الجماعة ، فترجح الجماعة ، وقال ابن السمعاني    : لأن سعيد بن أبي عروبة  رواه مطلقا ، وغيره روى الخبر ، وقال : " قال  قتادة    : ويستسعى " فميز حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام  قتادة  ، فيكون هذا الراوي قد حفظ ما خفي على الآخر .  [ ص: 241 ] وقال إلكيا الطبري    : ونحن وإن قبلنا الزيادة بالشرط السابق فيتطرق إليها احتمال الضعف ، ويخدش وجه الثقة ، فلو عارضه حديث آخر على مناقضة لقدم عليه ، فلأجله قدم الشافعية خبر السراية على خبر السعاية ; لأنه تفرد بنقل السعاية سعيد بن أبي عروبة  من بين أصحاب الزهري    . 
وقسم  ابن الصلاح  الزيادة إلى ثلاثة أقسام : أحدها : ما كان مخالفا منافيا لما رواه الثقات  فمردود . ثانيها : ما لا ينافي رواية الغير كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة من الثقات  ، فيقبل تفرده ، ولا يتعرض فيه لما رواه الغير بمخالفته أصلا ، وادعى  الخطيب  فيه الاتفاق . ثالثها : ما يقع بين هاتين المرتبتين ، كزيادة في لفظ حديث لم يذكرها سائر رواة الحديث ، يعني ولا اتحد المجلس ، ولا نفاها الباقون صريحا  ، وتوقف  ابن الصلاح  في قبول هذا القسم . وحكى الشيخ محيي الدين النووي  عنه اختيار القبول فيه ، ولعله قاله في موضع غير هذا . 
[ قول ابن دقيق العيد    ] وقال ابن دقيق العيد    : إذا علم اتحاد المجلس فالقول للأكثر ، سواء كانوا  [ ص: 242 ] رواة الزيادة أو غيرهم ، تغليبا لجانب الكثرة ، فإنها عن الخطأ أبعد ، فإن استووا قدم الأحفظ والأضبط ، فإن استووا قدم المثبت على النافي ، وقيل : النافي ; لأن الأصل عدمها . والتحقيق أن الزيادة إن نافت المزيد عليه احتيج للترجيح لتعذر الجمع ، كحديث : عتق بعض العبد ، فإن  أبا هريرة    ( رضي الله عنه ) روى الاستسعاء ،  وابن عمر  لم يروه ، بل قال : { وإلا فقد عتق منه ما عتق   } ، وهي تنافي الاستسعاء ، وإن لم تنافه لم يحتج إلى الترجيح ، بل يعمل بالزيادة إذا أثبتت كما في المطلق والمقيد ، كقول  أنس    : { رضخ يهودي رأس جارية فرضخ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين   } رواه بعضهم هكذا مطلقا ، وبعضهم يقول : { فأخذ اليهودي فاعترف ، فرضخ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه   } وهي رواية الصحيحين . 
				
						
						
