مسألة اتفق القائلون بالمستند عليه إذا كان دلالة ، واختلفوا فيما إذا كان أمارة  على مذاهب . أحدها : الجواز مطلقا سواء كان جلية أو خفية ، كالدلالة . ونص عليه  الشافعي  في الرسالة " ، وجوز الإجماع عن قياس ، وهو قول الجمهور . قال الروياني    : وبه قال عامة أصحابنا ، وهو المذهب . وقال ابن القطان    : لا خلاف بين أصحابنا في جواز وقوع الإجماع عنه في قياس المعنى على المعنى والشرط ، وأما قياس الشبه فاختلفوا فيه على وجهين ، وإذا وقع عن الأمارة ، وهي المفيدة للظن وجب أن يكون الظن صوابا للدليل الدال على العصمة ، ومن هنا قيل : ظن من هو معصوم عن الخطأ مقطوع بصحته . ومن فروع المسألة : اتفاق الصحابة على أحد القولين بعد الخلاف    . والثاني : المنع مطلقا ، وبه قال الظاهرية  ،  ومحمد بن جرير الطبري    .  [ ص: 400 ] 
فالظاهرية  منعوه لأجل إنكارهم القياس وأما  ابن جرير  ، فقال : القياس حجة ، ولكن الإجماع إذا صدر عنه لم يكن مقطوعا بصحته  ، هكذا حكاه  الأستاذ أبو منصور    . قال : وبه قال بعض القدرية  ، وهو  جعفر بن مبشر    . ثم اختلفت الظاهرية  ، فمنهم من أحاله ، ومنهم من سلم الإمكان ، ومنع الوقوع ، وادعوا أن العادة تحيله في الجمع العظيم . وحكى القاضي  في التقريب " عن  ابن جرير  أنه منع منه عقلا ، وقال : لو وقع لكان حجة ، غير أنه منع وقوعه ; لاختلاف الدواعي والأغراض وتفاوتهم في الذكاء والفطنة . واحتج ابن القطان  على  ابن جرير  بأنه وافق على وقوعه في خبر الواحد ، وهم مختلفون فيه ، فكذلك القياس ، ولا يقال خبر الواحد أجمعت عليه الصحابة بخلاف القياس ; لأنا نقول : كلاهما سواء في إجماعهم على القول به . ومن السنة أن إمامة الصديق    - رضي الله عنه - ثبتت بالقياس ، لقول  عمر  رضي الله عنه : رضيناه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا . ثم اعترض بإجراء مثل ذلك في  عبد الرحمن بن عوف  ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلفه ، وأجاب بالفرق ، وهو أن الصديق أمره النبي عليه السلام ، وعبد الرحمن  وجده يصلي ، فصلى خلفه ، وكذلك صدقة البقر ثبت [ الحكم ] فيها بالنص ، ثم ثبت الحكم في الجواميس بالإجماع بالقياس على البقر ، وكذلك أجمعوا على ميقات ذات عرق  ولم يقع النص . قال : وفيه نظر ; لأن فيه أخبارا عن النبي صلى الله عليه وسلم  [ ص: 401 ] أنه وقته لأهل المشرق . قال : وقد أدخل في هذا أصحابنا ما ليس منه ، كصدقة الذهب وفيها أحاديث . 
وكذلك قوله : {   ( من أعتق شركا له في عبد )   } ، والأمة في معناه ، مع قولهم : إن العبد اسم لكل رقيق ، ذكرا كان أو أنثى . قال : ومن أجوده أن الله ذكر ميراث الإخوة والأخوات ، ولم يذكر شيئا أنه من بعد الوصية والدين ، والحكم فيه من طريق القياس كذلك . ا هـ . والمذهب الثالث : التفصيل في الأمارة بين الجلية ، فيجوز انعقاد الإجماع عنها ، دون الخفية    . حكاه ابن الصباغ  ، وكذا صاحب الكبريت الأحمر " عن بعض أصحابنا . قال : وهو ظاهر مذهب أبي بكر الفارسي  من الشافعية . قال : ولذلك اشترط في الخبر الذي انعقد عن الإجماع كونه مشهورا . والمذهب الرابع : أنه لا يجوز في القياس إلا عن أمارة  ، ولا يجوز عن دلالة للاستغناء بها عنه ، حكاه السمرقندي  في " الميزان " عن بعض مشايخهم ، وهو غريب قادح في إطلاق نقل جماعة الإجماع على جوازه عن دلالة . 
				
						
						
