[ ص: 81 ] فصل أما إذا انضم إلى قول الصحابي القياس ففيه مسألتان : إحداهما : إذا تعارض قول صحابيين واعتضد أحدهما بالقياس    . وقد سبقت عن النص . . الثانية : إذا تعارض قياسان واعتضد أحدهما بقول الصحابي  ، فحكى الرافعي  عن الغزالي  أنه قد قيل تميل نفس المجتهد إلى ما يوافق قول الصحابي ويرجح عنده . قال النووي    : وقد صرح الشيخ  في اللمع " وغيره من الأصحاب بالجزم بالموافق انتهى . 
وأنا أقول    : من يرى أن قول الصحابي بمفرده حجة مقدمة على القياس يكون احتجاجه هنا بقول الصحابة بطريق الأولى . ومن يرى أنه ليس بحجة فإما أن يكون القياسان صحيحين متساويين أو لا ، فإن كانا كذلك ولم يترجح أحدهما على الآخر بمرجح في الأصل أو حكمه ، أو في العلة ، أو دليلها ، أو في الفرع ، فالظاهر أن القياس المعتضد بقول الصحابي مقدم ، ويكون ذلك من الترجيحات بالأمور الخارجية ، كما ترجح أحد الخبرين المعارضين بعمل بعض الصحابة دون الآخر . وأما إذا كان أحد القياسين مرجحا على الآخر في شيء مما ذكرنا ، ومع المرجوح قول بعض الصحابة فهذا محل النظر على القول بأن قوله ليس بحجة ، والاحتمال منقدح . وقد تقدم حكاية ابن الصباغ  عن بعض أصحابنا أن القياس الضعيف إذا اعتضد بقول الصحابي يقدم على القياس القوي ، وذاك هنا بطريق الأولى ، وتقدم نقل الماوردي  عن  الشافعي  أن رأيه في الجديد أن قياس التقريب إذا انضم إلى قول الصحابي  كان أولى من قياس التحقيق ، ومثل الماوردي  قياس التقريب بما ذكره  الشافعي  في مسألة البيع بشرط البراءة من  [ ص: 82 ] العيوب أن الحيوان يفارقه ما سواه ، لأنه يغتذى بالصحة والسقم ، وتحول طبائعه ، وقلما يخلو من عيب وإن خفي فلا يمكن الإخبار عن عيوبه الخفية بالإشارة إليها والوقوف عليها ، وليس كذلك غير الحيوان ، لأنه قد يخلو من العيوب ويمكن الإخبار فيها بالإشارة إليها لظهورها ، فدل على افتراق الحيوان وغيره من جهة المعنى ، مع ما روي معه من قصة  عثمان    . وحاصله - على ما نقله الماوردي  عن الجديد من مذهب  الشافعي    - أن القياس المرجوح إذا اعتضد بقول الصحابي كان مقدما على القياس الراجح ، فيحتمل أن يكون هذا تفريعا منه على أن قول الصحابي حجة ، كما تقدم عنه في " الرسالة الجديدة " ويحتمل أن يكون على القول الآخر الذي اشتهر عند الأصحاب عن الجديد أنه ليس بحجة . 
وهو ظاهر كلام الماوردي  ، وقد ترجم القاضي  في " التقريب " لهذه المسألة ، وحكى خلاف القياس ، وأنه هل يترجح قول الصحابي بذلك القياس الضعيف على القياس القوي ، أو يجب العمل بأقوى القياسين ؟ ثم رجح هذا الثاني . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					