[ ص: 338 ] فرع : ويقرب من هذه المسائل : مسائل اجتماع الفضيلة ، والنقيصة  ، فمنها : الصلاة أول الوقت بالتيمم ، وآخره بالوضوء  ، والأظهر : استحباب التأخير إن تيقن الوضوء ، والتقديم إن ظنه ، أو جوز وجوده ، أو توهمه . 
قال إمام الحرمين    : والخلاف فيمن أراد الاقتصار على صلاة واحدة ، فإن صلى أوله بالتيمم وآخره بالوضوء فهو النهاية في تحصيل الفضيلة . ومنها : الصلاة أول الوقت منفردا ، وآخره جماعة ، وفي الأفضل  طرق . 
قطع أكثر العراقيين : باستحباب التأخير وأكثر الخراسانيين  باستحباب التقديم . وقال آخرون : حكمه حكم الماء ، فإن تيقن الجماعة آخره فالتأخير أفضل ، وإلا فالتقديم . قال النووي    : وقد ثبت في صحيح  مسلم    : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه { ستجيء أئمة ، يؤخرون الصلاة عن أول وقتها . قال : فصلوا الصلاة لوقتها ، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة   } . 
قال : فالذي نختاره : أن يصلي مرتين ، فإن اقتصر على واحدة ، فإن تيقن حصول الجماعة فالتأخير أفضل ; لتحصيل شعارها الظاهر ; ولأنها فرض كفاية . 
وفي وجه : فرض عين ، ففي تحصيلها : خروج من الخلاف . قال : ويحتمل أن يقال : إن فحش التأخير ، فالتقديم أفضل . وإن خف ، فالانتظار أفضل . ومنها : الصلاة أول الوقت عاريا ، أو قاعدا ، وآخره مستورا ، أو قائما    . وفيها الخلاف في المتيمم . 
ومنها : الصلاة أول الوقت قاصرا ، وآخره مقيما  ، يصلي قاصرا بلا خلاف . نقله في شرح المهذب ، عن صاحب البيان ومنها : لو خاف فوت الجماعة إن أسبغ الوضوء ،  فإدراكها أولى من الانحباس لإكماله نقله النووي  عن صاحب الفروع . وقال : فيه نظر . ومنها : لو خاف فوت الركعة إن مشى إلى الصف الأول    . قال في شرح المهذب : لم أر فيه لأصحابنا ، ولا لغيرهم شيئا . 
والظاهر : أنه إن خاف فوت الركعة الأخيرة حافظ عليها ، وإن خاف فوت غيرها مشى إلى الصف الأول للأحاديث الصحيحة في الأمر بإتمامه والازدحام عليه .  [ ص: 339 ] ومنها : لو قدر أن يصلي في بيته قائما منفردا . ولو صلى مع الجماعة احتاج أن يقعد في بعضها  فالأفضل الانفراد ، محافظة على القيام ذكره  الشافعي  والأصحاب . 
ومنها   : لو ضاق الوقت على سنن الصلاة    . قال البغوي  في فتاويه ، ما حاصله : إن السنن التي تجبر بالسجود يأتي بها ، بلا إشكال . وأما غيرها ، فالظاهر : الإتيان بها أيضا ; لأن  الصديق  كان يطول القراءة في الصبح حتى تطلع الشمس . 
قال : ويحتمل أن لا يأتي بها ، إلا إذا أدرك الركعة . قال الإسنوي    : وفيما قاله نظر . ومنها : لو ضاق الماء والوقت ، عن استيعاب سنن الوضوء  وجب الاقتصار على الواجبات ، صرح به النووي  في شرح التنبيه . 
ومنها : لو اجتمع في الإمامة الأفقه ، والأقرأ ، والأورع  الأصح : تقديم الأفقه عليهما ، لاحتياج الصلاة إلى مزيد الفقه ، لكثرة عوارضها ، وقيل : بالتساوي لتعادل الفضيلتين ، ولو اجتمع السن والنسب  ، فالأظهر : تقديم السن ; لأنه صفة في نفسه ، والنسب صفة في آبائه ، ولو اجتمعا مع الهجرة  ، فالجديد : تقديمهما . واختار النووي    : تقديم الهجرة عليهما وصححه في المهذب . 
ولو اجتمع الأعمى والبصير  ، فقيل : الأعمى أولى ; لأنه أخشع ; إذ لا ينظر إلى ما يلهيه وقيل البصير لأنه أكثر تحفظا من النجاسات والأصح : أنهما سواء ; لتعادلهما ، ولو اجتمع في صلاة الجنازة الحر البعيد ، والعبد القريب ، والحر غير الفقيه ، والعبد الفقيه  فالأصح فيهما تقديم الحر . 
والثالث : يستويان ; لتعادلهما . 
وقريب من هذه المسائل   : الخصال المعتبرة في الكفاءة ، هل يقابل بعضها ببعض  ؟ الأصح : المنع ، فلا يكافئ رقيق عفيف : حرة فاسقة ، ولا حر معيب : رقيقة سليمة ، ولا عفيف دنيء النسب : فاسقة شريفة  [ ص: 340 ] وفي نظير المسألة من القصاص : لا تقابل جزما ، فلا يقاد عبد مسلم بكافر حر  ، بلا خلاف . 
خاتمة لا يقدم في التزاحم على الحقوق أحد ، إلا بمرجح    . وله أسباب : أحدها : السبق ، كجماعة ماتوا ، وهناك ما يكفي أحدهم  ، قدم أسبقهم موتا . والمستحاضة : ترى الدم بصفتين مستويتين  ، فيرجح الأسبق . وكالازدحام في الدعوى ، والإحياء ، والدرس . 
ولو وكل رجلا في بيع عبده ، وآخر في عتقه  ، قال  الدبيلي    : من سبق فله الحكم . ثانيها : القوة ، فلو أقر الوارث بدين ، وأقام الآخر بينة بدين  ، والتركة لا تفي بهما قال صاحب الإشراف : يقدم دين البينة . ثالثها : القرعة في مواضع كثيرة ، كازدحام الأولياء في النكاح ، والعبيد في العتق ، والمقتصين في الجاني عليهم معا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					