قاعدة : الأصل العدم 
فيها فروع : منها : القول قول نافي الوطء غالبا    ; لأن الأصل العدم . ومنها : القول قول عامل القراض في قوله : لم أربح    ; لأن الأصل عدم الربح ، أو لم أربح إلا كذا لأن الأصل عدم الزائد ، وفي قوله : لم تنهني عن شراء كذا ; لأن الأصل عدم النهي ; ولأنه لو كان كما يزعمه المالك لكان خائنا ، والأصل عدم الخيانة ، وفي قدر رأس المال لأن الأصل عدم دفع الزيادة ، وفي قوله بعد التلف : أخذت المال قراضا ، وقال المالك قرضا كما قاله البغوي   وابن الصلاح  في فتاويهما ، لأنهما اتفقا على جواز التصرف ، والأصل عدم الضمان . 
ولو قال المالك : قراضا وقال الآخر قرضا ، وذلك عند بقاء المال وربحه  ، فلم أر فيها نقلا ، والظاهر أن القول قول مدعي القرض أيضا لأمور : منها أنه أغلظ عليه  [ ص: 58 ] لأنه بصدد أن يتلف المال أو يخسر ، ومنها أن اليد له في المال والربح ، ومنها : أنه قادر على جعل الربح له ، بقوله : اشتريت هذا لي ، فإنه يكون القول قوله ، ولو اتفقا على أن المال قراض ، فدعواه أن المال قرض يستلزم دعواه أنه اشتراه له ، فيكون ربحه له . ومنها : لو ثبت عليه دين بإقرار أو بينة ، فادعى الأداء والإبراء  ، فالقول قول غريمه ; لأن الأصل عدم ذلك . 
ومنها : لو اختلفا في قدم العيب ، فأنكره البائع  ، فالقول قوله ، واختلف في تعليله فقيل : لأن الأصل عدمه في يد البائع وقيل : لأن الأصل لزوم العقد ، وبهذا التعليل جزم الرافعي  والنووي    . 
قال الماوردي    : وينبني على الخلاف ما لو ادعى البائع قدمه والمشتري حدوثه  ويتصور ذلك : بأن يبيعه بشرط البراءة ، فيدعي المشتري الحدوث قبل القبض حتى يرد به لأنه لا يبرأ منه ، فإن عللنا بكون الأصل عدمه في يد البائع ، صدقنا المشتري ; لأن ذلك المعنى يقتضي الرد هنا ، وإن عللنا بكون الأصل اللزوم صدقنا البائع . 
قال الإسنوي  ومقتضى ، ذلك تصحيح تصديق البائع ومنها : اختلف الجاني والولي في مضي زمن يمكن فيه الاندمال  ، فالمصدق الجاني ; لأن الأصل عدم المضي . 
ومنها : أكل طعام غيره ، وقال : كنت أبحته لي ، وأنكر المالك  ، صدق المالك ; لأن الأصل عدم الإباحة . 
ومنها : سئل النووي  عن مسلم له ابن ماتت أمه ، فاسترضع له يهودية لها ولد يهودي ثم غاب الأب مدة وحضر ، وقد ماتت اليهودية فلم يعرف ابنه من ابنها وليس لليهودية من يعرف ولدها ، ولا قافة هناك    . 
فأجاب : يبقى الولدان موقوفين حتى يبين الحال ببينة أو قافة أو يبلغا فينتسبان انتسابا مختلفا وفي الحال يوضعان في يد المسلم ، فإن بلغا ولم توجد بينة ولا قافة ولا انتسبا ، دام الوقف فيما يرجع إلى النسب . 
ويتلطف بهما إلى أن يسلما جميعا ، فإن أصرا على الامتناع من الإسلام لم يكرها عليه ولا يطالب واحد منهما بالصلاة ولا غيرها من أحكام الإسلام ; لأن الأصل عدم إلزامهما به ، وشككنا في الوجوب على كل واحد منهما بعينه ، وهما كرجلين سمع من أحدهما صوت حدث وتناكراه لا يلزم واحدا منهما الوضوء ، بل يحكم بصحة صلاتهما في الظاهر . 
وإن كانت إحداهما باطلة في نفس الأمر ، وكما لو قال رجل : إن كان هذا الطائر غرابا فامرأتي طالق فقال آخر : إن لم يكن فامرأتي طالق ، فطار ولم يعرف  فإنه يباح لكل واحد منهما في الظاهر الاستمتاع بزوجته للبقاء على الأصل ، وأما نفقتهما ومؤنتهما فإن كان لكل منهما مال كانت فيه ، وإلا وجبت على أب المسلم نفقة ابن بشرطه  [ ص: 59 ] وتجب نفقة آخر ، وهو اليهودي في بيت المال بشرط كونه ذميا ، وشرطه : أن لا يكون هناك أحد من أصوله ممن تلزمه نفقة القريب ، وإن مات من أقارب الكافر أحد ، وقف نصيبه حتى يتبين الحال أو يقع اصطلاح ، وكذا إن مات من أقارب المسلم أحد . 
وإن مات الولدان أو أحدهما وقف ماله أيضا ، وإن مات أحدهما قبل البلوغ غسل وصلي عليه ودفن بين مقابر المسلمين واليهود ، أو بعد البلوغ والامتناع من الإسلام جاز غسله دون الصلاة عليه ; لأنه يهودي أو مرتد ، ولا يصح نكاح واحد منهما ; لأنه يحتمل أنه يهودي أو مرتد فلا يصح نكاحه ، كالخنثى المشكل . 
				
						
						
