ما يشترط فيه العدالة وما لا يشترط    : قال العلائي    : مدار هذه القاعدة على القاعدة المشهورة في أصول الفقه " إن المصالح المعتبرة إما في محل الضرورات أو في محل الحاجات أو في محل التتمات وإما مستغنى عنها  [ ص: 387 ] بالكلية إما لعدم اعتبارها أو لقيام غيرها مقامها وبيان هذا : أن اشتراط العدالة في صحة التصرف  مصلحة لحصول الضبط بها عن الخيانة والكذب والتقصير ; إذ الفاسق ليس له وازع ديني ، فلا يوثق به فاشتراط العدالة في الشهادة والرواية  في محل الضرورات ; لأن الضرورة تدعو إلى حفظ الشريعة في نقلها وصونها عن الكذب . وكذلك في الفتوى أيضا لصون الأحكام    ; ولحفظ دماء الناس وأموالهم وأبضاعهم وأعراضهم عن الضياع ، فلو قبل فيها قول الفسقة ومن لا يوثق به لضاعت . وكذلك في الولايات على الغير  كالإمامة الكبرى والقضاء ، وأمانة الحكم والوصاية ، ومباشرة الأوقاف ، والسعاية في الصدقات وما أشبه ذلك ; لما في الاعتماد على الفاسق في شيء منها من الضرر العظيم . 
وأما محل الحاجات : ففي مثل تصرفات الآباء والأجداد لأبنائهم ومنهم من طرد فيه الخلاف الآتي في النكاح والمؤذن المنصوب لاعتماد الناس على قوله في دخول الأوقات    ; إذ لو كان غير موثوق به ; لحصل الخلل في إيقاع الصلوات في غير أوقاتها وأما محل التتمات : فكإمامة الصلوات ، ولذلك لم يشترط فيها العدالة بلا خلاف عندنا إذ ليس فيها توقع خلل بالنسبة إلى المصلين خلفه ; لأن توهم قلة مبالاته بالطهارة عن الحدث والخبث نادر في الفساق . 
وكذلك ولاية القريب على قريبه الميت في التجهيز والتقدم على الصلاة ،  لأن فرط شفقة القريب ، وكثرة حزنه تبعثه على الاحتياط في ذلك ، وقوة التضرع في الدعاء له ، فالعدالة فيه من التتمات وأما المستغنى عنه بالكلية ; لعدم الحاجة إليه ، فكالإقرار لأن طبع الإنسان يزعه عن أن يقر على نفسه بما يقتضي قتلا ، أو قطعا ، أو تغريم مال ، فقبل من البر والفاجر اكتفاء بالوازع الطبيعي . 
ولهذا يقبل إقرار العبد بما يقتضي القصاص دون ما يوجب المال    ; لأن طبعه يزعه عن إضرار نفسه بخلاف إضرار سيده والذي يقوم غيره مقامه : التوكيل والإيداع من المالك  ، فإن نظره لنفسه قائم مقام نظر الشرع له في الاحتياط ، فيجوز له أن يوكل الفاسق ويودع عنده لأن طبع المالك يزعه عن إتلاف ماله بالتفريط .  [ ص: 388 ] 
ولذلك لو كان موكلا أو مودعا في مال الغير ، وجب عليه الاحتياط بالوازع الشرعي . وهذه فروع اختلف فيها : 
الأول : ولاية النكاح  وفيها : ثلاثة عشر طريقا أشهرها : في اشتراط العدالة . فيها قولان ، أصحهما : نعم ، فلا يلي الفاسق كسائر الولايات ; ولأنه لا يؤمن أن يضعها عند فاسق مثله . 
والثاني : لا ; لأن الأولين لم يمنعوا الفسقة من تزويج بناتهم . 
الطريق الثاني : يلي قطعا . 
الثالث : لا يلي قطعا . 
الرابع : يلي المجبر دون غيره ; لأنه أكمل شفقة . 
الخامس : عكسه لأن المجبر يستقل بالنكاح ، فربما وضعها عند فاسق ، بخلاف غيره فتنظر هي لنفسها ، وتأذن . 
السادس : يلي ، إن فسق بغير شرب الخمر بخلاف ما إذا كان به لاختلال نظره . 
السابع : يلي المستتر دون المعلن . الثامن : يلي الغيور ، دون غيره . التاسع : يلي إن لم يحجر عليه . 
العاشر : يلي إن كان الإمام الأعظم قطعا وإلا فقولان . 
الحادي عشر : يلي - إن كان الإمام - نساء المسلمين ، لا مولياته . 
الثاني عشر : يلي ، إن كان بحيث لو سلبناه الولاية انتقلت إلى حاكم مثله ، وإلا فلا قاله الغزالي  ، واستحسنه النووي    . 
الثالث عشر : قاله في البحر - يلي ابنته ، ولا يقبل النكاح لابنه الفرع الثاني : الاجتهاد : قيل العدالة ركن فيه  والأصح : لا ، بل هي شرط لقبول إخباره حتى يجب عليه الأخذ بقول نفسه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					