فوائد نختم بها الكلام على هذه القاعدة 
الأولى : 
قال ابن القاص  في التلخيص لا يزال حكم اليقين بالشك إلا في إحدى عشرة مسألة : إحداها : شك ماسح الخف هل انقضت المدة أم لا ؟  الثانية : شك هل مسح في الحضر أو السفر  ، ويحكم في المسألتين بانقضاء المدة . الثالثة : إذا أحرم المسافر بنية القصر خلف من لا يدري : أمسافر هو ، أم مقيم ؟  لم يجز القصر . 
الرابعة : بال حيوان في ماء كثير ثم وجده متغيرا ولم يدر ، أتغير بالبول أم بغيره  فهو نجس . 
الخامسة : المستحاضة المتحيرة  ، يلزمها الغسل عند كل صلاة ، يشك في انقطاع الدم قبلها . 
السادسة : من أصابته نجاسة في ثوبه أو بدنه وجهل موضعها  يجب غسله كله . السابعة : شك مسافر أوصل بلده أم لا ؟  لا يجوز له الترخص . الثامنة : شك مسافر هل نوى الإقامة أم لا ؟  لا يجوز له الترخص التاسعة : المستحاضة وسلس البول إذا توضأ ثم شك : هل انقطع حدثه أم لا ؟ فصلى بطهارته  لم تصح صلاته  [ ص: 73 ] العاشرة : تيمم ، ثم رأى شيئا لا يدري : أسراب هو ، أم ماء  بطل تيممه ، وإن بان سرابا الحادية عشرة ، رمى صيدا فجرحه ، ثم غاب فوجده ميتا ، وشك هل أصابته رمية أخرى من حجر أو غيره  لم يحل أكله ، وكذا لو أرسل عليه كلبا . 
هذا ما ذكره ابن القاص  وقد نازعه  القفال  وغيره في استثنائها بأنه لم يترك اليقين فيها بالشك ، وإنما عمل فيها بالأصل الذي لم يتحقق شرط العدول عنه ; لأن الأصل في الأولى والثانية غسل الرجلين . 
وشرط المسح : بقاء المدة وشككنا فيه ، فعمل بأصل الغسل ، وفي الثالثة والسابعة والثامنة القصر رخصة بشرط ، فإذا لم يتحقق رجع إلى الأصل ، وهو الإتمام ; وفي الخامسة الأصل وجوب الصلاة ، فإذا شكت في الانقطاع فصلت بلا غسل ، لم تتيقن البراءة منها . 
وفي السادسة : الأصل أنه ممنوع من الصلاة إلا بطهارة عن هذه النجاسة ، فلما لم يغسل الجميع فهو شاك في زوال منعه من الصلاة ، وفي العاشرة : إنما بطل التيمم لأنه توجه الطلب عليه ، وفي الحادية عشرة في حل الصيد قولان ، فإن قلنا لا يحل فليس ترك يقين بشك لأن الأصل التحريم ، وقد شككنا في الإباحة ، وقد نقل النووي  ذلك في شرح المهذب وقال ما قاله  القفال  فيه نظر والصواب في أكثر هذه المسائل مع  ابن القاص    . 
قال : وقد استثنى إمام الحرمين  أيضا والغزالي  ما إذا شك الناس في انقضاء وقت الجمعة  فإنهم لا يصلون الجمعة ، وإن كان الأصل بقاء الوقت . 
قال : ومما يستثنى : إذا توضأ وشك ، هل مسح رأسه أم لا ؟  وفيه وجهان الأصح صحة وضوئه ، ولا يقال الأصل عدم المسح . 
ومثله لو سلم من صلاته ، وشك هل صلى ثلاثا أو أربعا ؟  ، والأظهر أن صلاته مضت على الصحة . 
قال : فإن تكلف متكلف ، وقال : المسألتان داخلتان في القاعدة ، فإنه شك هل ترك أو لا ، والأصل عدمه ، فليس بشيء لأن الترك عدم باق على ما كان عليه ، وإنما المشكوك فيه الفعل ، والأصل عدمه ولم يعمل بالأصل . 
قال : وأما إذا سلم من صلاته فرأى عليه نجاسة ، واحتمل وقوعها في الصلاة وحدوثها بعدها  ، فلا تلزمه إعادة الصلاة بل مضت على الصحة ، فيحتمل أن يقال الأصل عدم النجاسة فلا يحتاج إلى استثنائها لدخولها في القاعدة ، ويحتمل أن يقال : تحقق النجاسة وشك في انعقاد الصلاة ; والأصل عدمه ، وبقاؤها في الذمة ، فيحتاج إلى استثنائها . انتهى كلام النووي  ،  [ ص: 74 ] وزاد ابن السبكي  في نظائره صورا أخرى : 
منها : إذا جاء من قدام الإمام واقتدى به وشك هل هو متقدم عليه ؟  ، فالصحيح في التحقيق وشرح المهذب أنه تصح صلاته . 
فهذا ترك أصل من غير معارض ، ولذلك رجح ابن الرفعة  مقابله : أنه لا يصح عملا بالأصل السالم عن المعارض ، ولو كان جاء من خلف الإمام صحت ، قطعا ; لأن الأصل عدم تقديمه . 
وفي نظير هذه المسألة لو صلى وشك ، هل تقدم على الإمام بالتكبير أو لا ؟ ،  لا تصح صلاته ، وفرق بأن الصحة في التقديم أكثر وقوعا ، فإنها تصح في صورتين : التأخير والمساواة ، وتبطل في التقدم خاصة ، والصحة في التكبير أقل وقوعا ، فإنها تبطل بالمقارنة والتقدم ، وتصح في صورة واحدة ، وهي التأخر . 
ومنها : من له كفان عاملتان أو غير عاملتين  ، فبأيهما مس انتقض وضوءه مع الشك في أنها أصلية أو زائدة ، والزائدة لا تنقض ، ولهذا لو كانت إحداهما عاملة فقط انتقض بها وحدها على الصحيح . 
ومنها : إذا ادعى الغاصب تلف المغصوب  صدق بيمينه على الصحيح وإلا لتخلد الحبس عليه إذا كان صادقا وعجز عن البينة ، والثاني يصدق المالك ; لأن الأصل البقاء . وزاد الزركشي  في قواعده صورا أخرى . 
منها : مسألة الهرة  ، فإن الأصل نجاسة فمها ، فترك ; لاحتمال ولوغها في ماء كثير وهو شك . 
ومنها : من رأى منيا في ثوبه أو فراشه الذي لا ينام فيه غيره ولم يذكر احتلاما  ، لزمه الغسل في الأصح ، مع أن الأصل عدمه . 
ومنها : من شك بعد صوم يوم من الكفارة ، هل نوى ؟  لم يؤثر على الصحيح مع أن الأصل عدم النية . 
ومنها : من عليه فائتة شك في قضائها  لا يلزمه ، مع أن الأصل بقاؤها . ذكره الشيخ عز الدين  في مختصر النهاية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					