[ ص: 14 ] الأمر الثاني : اشتراط التعيين فيما يلتبس دون غيره    . 
قال في شرح المهذب : ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {   . وإنما لكل امرئ ما نوى   } فهذا ظاهر في اشتراط التعيين ، لأن أصل النية فهم من أول الحديث { إنما الأعمال بالنيات   } . 
فمن الأول : الصلاة ، فيشترط التعيين في الفرائض  ، لتساوي الظهر والعصر فعلا وصورة ، فلا يميز بينهما إلا التعيين ، وفي النوافل غير المطلقة ، كالرواتب ، فيعينها بإضافتها إلى الظهر مثلا ، وكونها التي قبلها أو التي بعدها ، كما جزم به في شرح المهذب ، والعيدين ، فيعينهما بالفطر والنحر . 
وقال الشيخ عز الدين    : ينبغي أن لا يجب التعرض لذلك ; لأنهما يستويان في جميع الصفات ; فيلحق بالكفارات والتراويح ، والضحى ، والوتر ، والكسوف ، والاستسقاء ، فيعينها بما اشتهرت به هذا ما ذكر في الروضة ، وأصلها وشرح المهذب ، في باب صفة الصلاة ، وبقي نوافل أخر منها ركعتا الإحرام ، والطواف . 
قال في المهمات : وقد نقل في الكفاية عن الأصحاب : اشتراط التعيين فيهما ، وصرح بركعتي الطواف النووي  في تصحيح التنبيه ، وعدها فيما يجب فيه التعيين بلا خلاف . 
قلت    : وصرح بركعتي الإحرام في المناسك . 
ومنها : التحية  ، فنقل في المهمات عن الكفاية أنها تحصل بمطلق الصلاة ، ولا يشترط فيها التعيين بلا شك ، وقال في شرح المنهاج : فيه نظر لأن أقلها ركعتان ولم ينوهما إلا أن يريد الإطلاق مع التقييد بركعتين . 
ومنها : سنة الوضوء  ، قال في المهمات : ويتجه إلحاقها بالتحية ، وقد صرح بذلك الغزالي  في الإحياء . 
قلت    : المجزوم به في الروضة في آخر باب الوضوء خلاف ذلك وأما الغزالي  فإنه أنكر في الإحياء سنة الوضوء ، أصلا ورأسا . 
ومنها : صلاة الاستخارة والحاجة  ، ولا شك في اشتراط التعيين فيهما ولم أر من تعرض لذلك ، لكن قال النووي  في الأذكار : الظاهر أن الاستخارة تحصل بركعتين من السنن الرواتب ، وبتحية المسجد ، وبغيرها من النوافل .
قلت    : فعلى هذا يتجه إلحاقها بالتحية في عدم اشتراط التعيين ، ومثلها صلاة الحاجة ومنها : سنة الزوال  ، وهي أربع ركعات : تصلى بعده لحديث ورد بها ، وذكرها المحاملي  في الكتاب وغيره ، والمتجه أنها كسنة الوضوء فإن قلنا : باشتراط التعيين فيها ، فكذا هنا وإلا فلا ; لأن المقصود إشغال ذلك الوقت بالعبادة . كما أشار إليه النبي  [ ص: 15 ] صلى الله عليه وسلم حيث قال : { إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح .   } 
ومنها : صلاة التسبيح والقتل  ، ولا شك في اشتراط التعيين في الأولى وإن كانت ليست ذات وقت ولا سبب ، وأما الثانية فلها سبب متأخر كالإحرام ، فيحتمل اشتراط التعيين فيها ، ويحتمل خلافه . 
ومنها : صلاة الغفلة ، بين المغرب والعشاء  ، والصلاة في بيته ، إذا أراد الخروج لسفر  ، والمسافر إذا نزل منزلا وأراد مفارقته  ، يستحب أن يودعه بركعتين ، والظاهر في الكل عدم اشتراط التعيين ; لأن المقصود إشغال الوقت أو المكان بالصلاة ، كالتحية ولم أر من تعرض لذلك كله . 
ومن ذلك : الصوم ، والمذهب المنصوص الذي قطع به الأصحاب اشتراط التعيين فيه ، لتمييز رمضان من القضاء والنذر ، والكفارة ، والفدية  ، وعن الحليمي  ، وجه أنه لا يشترط في رمضان ، قاله النووي  ، وهو شاذ مردود ، نعم لا يشترط تعيين السنة على المذهب ، ونظيره في الصلاة أنه لا يشترط تعيين اليوم ، لا في الأداء ولا في القضاء ، فيكفي فيه فائتة الظهر ، ولا يشترط أن يقول يوم الخميس ، وقياس ما تقدم في النوافل المرتبة اشتراط التعيين في رواتب الصوم ، كصوم عرفة  ، وعاشوراء ، وأيام البيض ، وقد ذكره في شرح المهذب بحثا ولم يقف على نقل فيه ، وهو ظاهر ، إذا لم نقل بحصولها بأي صوم كان كالتحية كما سيأتي عن البارزي    . 
ومثل الرواتب في ذلك : الصوم ذو السبب  ، وهو الأيام المأمور بها في الاستسقاء ومن الثاني : أعني ما لا يشترط فيه التعيين    : الطهارات ، والحج والعمرة ; لأنه لو عين غيرها انصرف إليها ، وكذا الزكاة والكفارات . 
ضابط : 
قال  الشيخ في المهذب    : كل موضع افتقر إلى نية الفريضة افتقر إلى تعيينها إلا التيمم  للفرض في الأصح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					