اشتراط الأداء والقضاء . وفيهما في الصلاة أوجه    : 
أحدها : الاشتراط ، واختاره إمام الحرمين  ، طردا لقاعدة الحكمة التي شرعت لها النية ; لأن رتبة إقامة الفرض في وقته تخالف رتبة تدارك الفائت ، فلا بد من التعرض في كل منهما للتمييز . 
والثاني : تشترط نية القضاء دون الأداء ; لأن الأداء يتميز بالوقت ، بخلاف القضاء . 
والثالث : إن كان عليه فائتة اشترط في المؤداة نية الأداء ، وإلا فلا ، وبه قطع الماوردي    . 
والرابع : وهو الأصح لا يشترطان مطلقا ، لنص  الشافعي  على صحة صلاة المجتهد في يوم الغيم ، وصوم الأسير إذا نوى الأداء ، فبانا بعد الوقت . وللأولين أن يجيبوا بأنهما معذوران ، وأما غير الصلاة فقل من تعرض له . 
وقد بسط العلائي  الكلام في ذلك في كتابه ( فصل القضاء في الأداء والقضاء ) فقال : ما لا يوصف من العبادات بأداء ولا قضاء  ، فلا ريب في أنه لا يحتاج إلى نية أداء ولا قضاء ويلحق بذلك ماله وقت محدود ، ولكنه لا يقبل القضاء كالجمعة فلا يحتاج فيها إلى نية الأداء إذ لا يلتبس بها قضاء فتحتاج إلى نية مميزة ، وأما سائر النوافل التي تقضى ، فهي كبقية الصلوات في جريان الخلاف . وأما الصوم فالذي يظهر ترجيحه أن نية القضاء لا بد منها . وقد صرح به  [ ص: 20 ] في التتمة ، فجزم باشتراط التعرض فيه لنية القضاء دون الأداء ، لتمييزه بالوقت . انتهى . 
قلت : وقد ذكر الشيخان  في الصوم الخلاف في نية الأداء ، وبقي الحج والعمرة ولا شك أنهما لا يشترطان فيهما ; إذ لو نوى بالقضاء الأداء لم يضره وانصرف إلى القضاء ، ولو كان عليه قضاء حج أفسده في صباه أو رقه ، ثم بلغ أو عتق فنوى القضاء ، انصرف إلى حجة الإسلام وهي الأداء . 
وأما صلاة الجنازة : فالذي يظهر أنه يتصور فيها الأداء والقضاء لأن وقتها محدود بالدفن ، فإن صح أنها بعده قضاء فلا يبعد جريان الخلاف فيهما . 
وأما الكفارة : فنص  الشافعي  في كفارة الظهار على أنها تصير قضاء إذا جامع قبل أدائها  ولا شك في عدم الاشتراط فيها . 
وأما الزكاة : فيتصور القضاء فيها في زكاة الفطر ، والظاهر أيضا عدم الاشتراط ، وإذا ترك رمي يوم النحر أو يوما آخر  تداركه في باقي الأيام ، ولا دم ، وهل هو أداء أو قضاء ؟ سيأتي الكلام فيه في مبحثه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					