المطلب الثالث جهة عمارة الوقف  
وفيه مسائل: 
المسألة الأولى: أن تكون العمارة معينة من جهة الواقف:  
إذا كانت عمارة الوقف معينة من جهة الواقف كوقف آخر، أو غلة  [ ص: 353 ] الوقف، أو مال الواقف أو الموقوف عليه، فاختلف العلماء في تعيين تلك الجهة على قولين: 
القول الأول : أنها تتعين تلك الجهة ، فإن لم يعين جهة فمن غلته . 
وهو قول جمهور أهل العلم. 
القول الثاني: أنه إذا كانت الجهة الموقوف عليه بطل التعيين، وتعينت الغلة. 
وهو الأصح عند المالكية. 
القول الثالث: أن تعيين الجهة يبطل مطلقا، ولو كان الغلة. 
وبه قال بعض المالكية. 
الأدلة: 
أدلة الجمهور: 
استدل لهذا الرأي بما يلي: 
1 - ما تقدم من الأدلة على وجوب العمل بشرط الواقف. 
(243) 2 - ما رواه  أحمد  قال: حدثنا يحيى،  عن  ابن أبي ذئب  قال : حدثني مخلد بن خفاف بن إيماء  ، عن  عروة،  عن  عائشة  رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الخراج بالضمان»  . 
 [ ص: 354 ]  [ ص: 355 ] فمن له غلة شيء فعليه ضمانه، فصح اشتراط العمارة عليه. 
قال  ابن قدامة:  «لأنه لما تبع شرطه في مصرفه وجب اتباعه في نفقته» . 
3 - أنه إذا لم يعين جهة فمن الغلة; لأن الوقف اقتضى تحبيس أصله، وتسبيل نفعه، ولا يحصل ذلك إلا بالإنفاق عليه، فهو من ضرورته، وكذلك عمارة الوقف قيسا على نفقته. 
ودليل المالكية: أنه لا يعمل بشرط إصلاحه على مستحقه; لأنه كراء مجهول، فالبطلان منصب على الشرط لا الوقف. 
ونوقش من وجهين: 
الوجه الأول: أنه لا يسلم أنه إجارة بل استيفاء، واستثناء من الغلة. 
الثاني : أن عقود التبرعات أوسع من عقود المعاوضات، فلا يطلب فيها من التحرير والضبط ما يطلب في عقود المعاوضات. 
ودليل القول الثالث: أن اشتراط كون العمارة من الغلة بمثابة اشتراط كون الإصلاح على الموقوف عليه، ويحاسب به من الغلة. 
ونوقش: بأن العمارة من غلتها وإن لم يشترط الواقف ذلك فاشتراطه لم يزد شيئا. 
 [ ص: 356 ] الترجيح: 
الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم ; لقوة دليله، وضعف دليل المخالف بمناقشته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					