المطلب الثالث 
التقرير في الوظائف 
فقد اختلف الفقهاء فيمن يتولاه على قولين : 
القول الأول : أن التقرير في الوظائف للناظر ما لم تكن تلك الوظائف من الأمور العامة في الإسلام.  
لكن متى امتنع الناظر من نصب من يقوم بمصلحة الوقف نصب القاضي من يقوم بصلحته . 
وبه قال الشافعية،  والحنابلة   . 
وقال في كشاف القناع: "ومتى امتنع عن نصب من يجب نصبه، نصبه الحاكم، كما في عضل الولي في النكاح". 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية   : "ليس للحاكم أن يولي، ولا يتصرف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص، إلا أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله" . 
وقال في كشاف القناع: "يقرر حاكم في وظيفة خلت لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه".  [ ص: 385 ] 
القول الثاني: أن التقرير في الوظائف للحاكم ما لم يشترط الواقف ذلك للناظر الخاص. 
وبه قال الحنفية.  
الأدلة : 
أدلة أصحاب القول الأول: 
1- أن: "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة"، فيتولى الناظر الخاص كل ما يتعلق بالوقف ، ما لم يكن لها تعلق بالأمور العامة للمسلمين ; لأنه أعلم بمن يصلح ومن لا يصلح، وهو المفوض إليه من جهة الشرع. 
2- أن التقرير في الوظائف وظيفة الواقف، والناظر يستفيد كل ما كان للواقف. 
3- ولأنه حق ثابت للواقف فيلزم ثبوته لنائبه عند الإطلاق. 
4- أنه ليس للحاكم مع الناظر الخاص ولاية على ذلك، كما ليس له ولاية وكيل المتصدق. 
دليل أصحاب القول الثاني: 
أن تقرير الوظائف تصرف في الموقوف عليهم بغير شرط الواقف، وذلك لا يجوز بخلاف ما إذا شرطه الواقف.  [ ص: 386 ] 
ونوقش هذا الاستدلال : بأن الناظر نائب عن الواقف في وقفه، فيكتسب بسبب تلك الولاية كل ما كان للواقف، ولو لم يشترطه الواقف. 
الترجيح: 
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لقوة ما استدلوا . 
 [ ص: 387 ] 
				
						
						
