[ ص: 248 ] 
ثمرة الخلاف: 
أننا إذا قلنا: لا يفتقر إلى القبول لم يبطل بالرد كالعتق، وإن قلنا يفتقر إلى القبول فرده بطل في حقه دون من بعده. 
الأمر الثاني: حكم الوقف إذا لم يقبل الموقوف عليه:  
إذا لم يقبل الموقوف عليه الوقف فاختلف العلماء - رحمهم الله - في ذلك على قولين: 
القول الأول: أن الوقف لا يبطل، وينتقل لمن بعده. 
وهذا قول جمهور أهل العلم: الحنفية،  والمالكية،  والشافعية،  والحنابلة،  وبه قال شيخ الإسلام. 
القول الثاني: أن الوقف يبطل برد الموقوف عليه. 
وبه قال بعض المالكية،  وبعض الشافعية،  وبعض الحنابلة.  
الأدلة: 
أدلة الرأي الأول: 
1 - الأدلة الدالة على عدم جواز الرجوع في الوقف.  
وجه الدلالة: أن هذه الأدلة دالة على نفوذ الوقف، وهذا يقتضي عدم بطلان الوقف برد الموقوف عليه. 
2 - القياس على العتق، فينفذ مع رد المعتق.  [ ص: 249 ] 
3 - أن الوقف ليس عقدا فيحتاج إلى إرادتين، بل هو من جنس التصرف عليه. 
4 - ولأن الوقف يتعلق به حق من بعده، فلم يؤثر الرد إلا على الراد نفسه; لئلا يحرم غيره من الوقف بسبب رد الأول، وهذا فيه ظلم لمن بعده من الذين سيسري عليهم الوقف. 
5 - ولأن الوقف صدقة ولا يجوز العود في الصدقة; (47) لما رواه  البخاري   ومسلم  من طريق  زيد بن أسلم،  عن أبيه أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قال: « حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه ». 
دليل القول الثاني: (بطلان الوقوف ) : 
1 - أن الملك لا يمكن أن يدخل جبرا في ملك الشخص الذي لا يريده، وسبب البطلان وعدم السريان هو: أن الوقف في الأصل لهذا الأول، ومن بعده فرع عنه أو تابع له، فإذا بطل الأول بطل الثاني تبعا. 
ونوقش: بعدم التسليم، فالبطن الثاني ليس تبعا للأول، بل أصل يتلقى عن الواقف نفسه. 
2 - القياس على الوكيل إذا رد الوكالة.  [ ص: 250 ] 
ونوقش: بأن قياس مقابل بمثله، وأيضا وجود الفارق، فالوقوف عقد لازم، والوكالة عقد جائز، فبطلت برد الوكيل. 
الترجيح: 
الراجح - والله أعلم - عدم بطلان الوقف; لقوة دليله، ولأن الأصل الصحة وعدم البطلان. 
				
						
						
