المسألة الثالثة: وقف الرقيق.  
وفيها أمور: 
الأمر الأول: أن يكون مأذونا له بالوقف من قبل السيد، فيصح وقفه، وإن لم يؤذن له بالتجارة; لأنه نائب عن سيده. 
الأمر الثاني: أن يكون مبعضا، فيصح الوقف بقدر ما فيه من الحرية; إذ يملك بقدر ما فيه من الحرية. 
الأمر الثالث: أن يكون غير مأذون له، ولا مبعض، فلا يصح وقفه إلا بإذن سيده باتفاق الأئمة الأربعة; لأنه محجور عليه لحظ سيده. 
جاء في الشرح الكبير: « فأما العبد، فلا يجوز أن يهب إلا بإذن سيده; لأنه مال لسيده، وماله مال لسيده، فلا يجوز إزالة ملك سيده عنه بغير إذنه كالأجنبي » والوقف كالهبة بجامع التبرع. 
الأمر الرابع: وقف المكاتب.  
لا يصح وقف المكاتب; إذ هو رقيق، وعليه أكثر أهل العلم. 
وعند الظاهرية:  يصح وقف الرقيق  بناء على أنه يملك ما يؤول إليه من تبرع، وسيأتي تحرير هذه المسألة. 
قال  ابن حزم:  « العبد في جواز صدقته، وهبته، وبيعه، وشرائه كالحر».  [ ص: 313 ] 
وقال أيضا: « مال العبد له، وليس لسيده ». 
والدليل على عدم صحة وقف الرقيق ما يلي: 
(76 ) 1 - ما رواه  الإمام أحمد  من طريق  جابر،  عن  عمرو بن شعيب،  عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ». 
(لا بأس به ) .  [ ص: 314 ]  [ ص: 315 ]  [ ص: 316 ] 
2 - ورود ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم:  عمر،   وعثمان،   وزيد بن ثابت،   وعائشة  رضي الله عنهم. 
(77 ) ما رواه  الطحاوي  من طريق معبد الجهني،  عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قال: « المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ». 
(78 ) ما رواه  ابن أبي شيبة  من طريق إبراهيم،  عن  عثمان  رضي الله عنه قال: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم »  [منقطع].  [ ص: 317 ] 
(79 ) ما رواه  الإمام مالك،  عن  نافع،  أن  عبد الله بن عمر  رضي الله عنه كان يقول: « المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء ». 
(80 ) ما رواه  عبد الرزاق،  عن  الثوري،  عن ابن أبي نجيح،  عن  مجاهد  قال: قال:  زيد بن ثابت  رضي الله عنه: « المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ».  [ ص: 318 ] 
(81 ) ما رواه  ابن أبي شيبة:  حدثنا  حفص بن غياث،  عن عمرو بن ميمون،  عن  سليمان بن يسار  قال: استأذنت على  عائشة  فقالت: سليمان  فقلت: سليمان،  فقالت: أريت ما بقي من كتابتك وقاطعت عليها، قال: قلت: نعم إلا شيئا يسيرا، قالت: « ادخل فإنك عبد ما بقي عليك شيء ». 
3 - أنه عبد يجوز بيعه، فلم يصح وقفه.  [ ص: 319 ] 
4 - أن الرق في المكاتب كامل، فلم ينتقص بما أدى، فكان الرق باقيا من كل وجه، ولهذا تقبل كتابته الفسخ بخلاف المدبر وأم الولد.  [ ص: 320 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					