الفصل الثاني: شروط الموصى له  
الموصى له: المراد به: المستفيد من التبرع سواء كان إنسانا، أو حيوانا، أو جهة. 
وفيه مباحث: المبحث الأول: الشرط الأول: أن يكون موجودا. 
المبحث الثاني: الشرط الثاني: أن يكون الموصى له معينا. 
المبحث الثالث: الشرط الثالث: أن يكون الموصى له ممن يحصى. 
المبحث الرابع: الشرط الرابع: أن يكون الموصى له حرا. 
المبحث الخامس: الشرط الخامس: أن يكون الموصى له متحقق الحياة. 
المبحث السادس: الشرط السادس: أن يكون أهلا للتملك. 
المبحث السابع: الشرط السابع: أن يكون الموصى له مسلما. 
المبحث الثامن: الشرط الثامن: أن يكون غير قاتل للموصي. 
المبحث التاسع: الشرط التاسع: كونه غير وارث للموصي. 
المبحث العاشر: الشرط العاشر: كون الموصى له قريبا للموصي. 
المبحث الحادي عشر: الشرط الحادي عشر: كونه محتاجا غير غني. 
المبحث الثاني عشر: الشرط الثاني عشر: كونه غير صديق ملاطف. 
 [ ص: 408 ] المبحث الثالث عشر: الشرط الثالث عشر: في كونه غير وال ولا حاكم على الموصي. 
 [ ص: 409 ] المبحث الأول: الشرط الأول: أن يكون موجودا 
وفيه مطالب: 
المطلب الأول: الوصية للمعدوم استقلالا  
مثل أن يوصي لمن يولد لفلان، أو لأحفاده. 
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم الوصية للمعدوم على رأيين: 
الرأي الأول: صحة الوصية للمعدوم. 
وهذا مذهب المالكية  ، وهو قول عند الشافعية  ، وقول عند الحنابلة  أخذ به شيخ الإسلام   . 
الرأي الثاني: عدم صحة الوصية للمعدوم. 
وبهذا قال الحنفية  ، وهو الأصح عند الشافعية  ، وهو المذهب عند الحنابلة   . 
 [ ص: 410 ] الأدلة: 
أدلة القول الأول: (الصحة): 
1 - عموم أدلة الوصية وهي تشمل الوصية للمعدوم. 
2 - أن الوصية كالوقف، والوقف يصح للمعدوم، كالوقف على من سيولد من آل فلان. 
ونوقش: بأن الوقف يراد للدوام فمن ضرورته إثباته للمعدوم. 
ويجاب: بأن الوصية لا يمنع أن يقصد منها الدوام أيضا، فإلحاقها بالوقف أولى من إلحاقها بالميراث بجامع التبرع في كل. 
3 - أن الوصية تصح بالمعدوم، وبالمجهول، فصحت للمعدوم. 
ونوقش: بأن الوصية صحت بالمعدوم والمجهول; لأن الغرر في الموصى به لا يبطلها لكونه يتسامح فيه. 
4 - قد تكون رغبة الموصي في المعدوم أكبر كما لو كان يخشى من سفه ابنه أن يضيع، فيوصي لأولاد ابنه وإن لم يوجدوا. 
5 - قد يكون المعدوم أكثر حاجة من الموجود، وأولى أن يدخر له المال. 
6 - أنه ليس فيه إضرار بالورثة; إذ حقهم في ثلثي التركة. 
7 - أن الوصية عمل معروف، والأصل في المعروف أن يكثر منه. 
أدلة القول الثاني: (عدم الصحة): 
1 - أن الوصية تمليك فلا تصح للمعدوم. 
 [ ص: 411 ] ويناقش من وجهين: 
الأول: بأنه استدلال بمحل النزاع. 
الثاني: أن التمليك في الوصية متراخ وليس في الحال، بدليل صحتها للحمل مع أن حياته غير متحققة. 
الثالث: أن الموصى له وإن كان معدوما وقت الوصية إلا أن تمليكه الموصى به معلق على وجوده فصحت الوصية له، كما صح تعليق الموصي التبرع بالموت. 
2 - أن الوصية أجريت مجرى الميراث، والميراث لا يثبت إلا لمن كان موجودا حال موت المورث، فكذلك الوصية. 
ويناقش بالفرق بين الميراث والوصية من وجوه: 
الوجه الأول: أن الميراث جبري، والوصية ملك اختياري. 
الوجه الثاني: أن الميراث حق للورثة ليس لأحد إسقاطه، فليس هو من باب التبرعات، بخلاف الوصية فهي من باب التبرعات، والتبرعات يتسامح فيها ما لا يتسامح في غيرها. 
الوجه الثالث: أن الميراث لو دخل فيه من سيحدث من الورثة لم يكن لذلك غاية ونهاية، بخلاف الوصية، فإن الموصي يعين من سيحدث ممن سيوصي له. 
3 - أنه لا متعلق للعقد في الحال، فأشبه الوقف على من سيولد له. 
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الأصل المقيس عليه موضع خلاف بين أهل العلم. 
 [ ص: 412 ] الترجيح: 
الراجح - والله أعلم -: صحة وصية المعدوم; لعدم الغرر; إذ أن الموصى له إما غانم أو غارم، ولا يترتب على ذلك ما يترتب على الغرر في عقود المعاوضات من العداوة والتشاحن; إذ المراد منها الكسب والربح. 
* * * 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					