المبحث الرابع: الشرط الرابع: أن يكون الموصى له حرا  
وفيه مطلبان: 
المطلب الأول: وصية السيد لرقيقه  
وفيه مسائل: 
المسألة الأولى: الوصية له بمعين   : 
وصورة ذلك: أن يوصي له بسيارة، أو بيت، ونحو ذلك: 
اختلف العلماء - رحمهم الله - على أقوال: 
القول الأول: أنها وصية صحيحة: 
وبه قال الإمام  مالك  ، ورواية عن الإمام  أحمد  ، وبه قال الظاهرية  ،  وأبو ثور   . 
وعند المالكية   : إذا أوصى له بعدد كمائة، فإنه يعتق من ذلك العدد وباقيه له كماله، فإن لم يحمله ذلك العدد عتق منه محمله وكمل باقيه من ماله. 
القول الثاني: أن الوصية موقوفة على إجازة الورثة. 
وبه قال  الحسن البصري  ،  وابن سيرين   . 
 [ ص: 440 ] القول الثالث: أنها وصية باطلة. 
وبه قال الحنفية  ، والشافعية  ، والحنابلة  ،  والثوري  ، وإسحاق   . 
الأدلة: 
أدلة القول الأول: (الصحة): 
1 - ما تقدم من الأدلة على أن الرقيق يملك. 
2 - قول الله عز وجل: فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف  وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى أمر بإنكاح الإماء، وإيتائهن مهورهن، فدل ذلك على أن الأمة تملك، وإذا كانت تملك جازت الوصية لها. 
ونوقش هذا الاستدلال: بعدم تسليم هذا التفسير، وإنما المراد أحد أمرين: 
الأمر الأول: أن المراد إعطاؤهن المهر بشرط إذن السيد، كما كان إذنه مشروطا في التزويج، فيكون التقدير: (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بإذنهم)، فهو كقوله تعالى: والحافظين فروجهم والحافظات  ، أي: والحافظات فروجهن. 
الأمر الثاني: أن يكون أضاف الإعطاء إليه والمراد المولى، كما لو تزوج صبية صغيرة أو أمة صغيرة بإذن الأب والمولى جاز أن يقال: أعطهما مهريهما، ويكون المراد إعطاء الأب أو المولى، ألا ترى أنه يصح أن يقال لمن عليه دين ليتيم قد مطله به: إنه مانع لليتيم حقه وإن كان اليتيم لا يستحق قبضه، ويقال: أعط اليتيم حقه؟ وقال تعالى: وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل   [ ص: 441 ] وقد انتظم ذلك الصغار والكبار من أهل هذه الأصناف; وإعطاء الصغار إنما يكون بإعطاء أوليائهم، فكذلك جاز للورثة أن ينزعوا ما أوصى به الموصي للعبد لكانت وصية الميت غير نافذة. 
3 - أن الأصل هو تنفيذ ما يوصي به الموصي، ولو جاز للورثة أن ينزعوا ما أوصى به الموصي للعبد لكانت وصية الميت غير نافذة. 
ونوقش هذا الاستدلال: أن الوصية إذا لم يكن لها فائدة، أو مخالفة للشرع فإنها لا تنفذ ، وههنا الوصية لا تنفذ؛ لعدم الفائدة منها، ولما سبق أن ذكرنا من أن الموصي أوصى لورثته بما يرثونه. 
4 - أنه تصح له الصدقة، فكذا الوصية. 
دليل القول الثاني: وأما القائلون بأن الوصية موقوفة على إجازة الورثة فلم أجد لهم دليلا. 
دليل القول الثالث: (البطلان): 
استدل لهذا الرأي: أن العبد يصير ملكا للورثة، فما أوصى به فهو لهم، فكأنه أوصى لورثته بما يرثونه، فلا فائدة فيه. 
الترجيح: 
الراجح - والله أعلم -: هو القول الأول; لقوة دليله بملكية الرقيق، ولأن الوصية يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					