الإعراب: 
من قرأ: {موص} ، و {موص} ؛ فهما متقاربان. 
وقوله: كما كتب على الذين من قبلكم   : (الكاف) : نعت لمصدر محذوف،  أو في موضع الحال من {الصيام} . 
أياما معدودات   : يجوز أن يكون قوله: {أياما} ظرفا لـ {كتب} ، فينتصب على الظرف، والعامل فيه: {كتب} ، ويتسع فيه، فيشبه بالمفعول، وكذلك قال  الفراء   : إن {أياما} مفعول ما لم يسم فاعله، ورد ذلك  الزجاج   . 
ويجوز أن يكون العامل في (أيام) : {الصيام} ، فينصب على الظرف، أو على أنه مفعول على السعة، ولا يجوز على هذا أن يجعل {كما} صفة لمصدر {كتب}  [ ص: 462 ] إذا جعلت (الأيام) متعلقة بـ {الصيام} دون {كتب} ، وجعلت (الأيام) مفعوله; لأن فيه فصلا بين الصلة والموصول بأجنبي قد عمل فيه شيء غير {الصيام} ؛ لأن {كما} معمول {كتب} ، من حيث كان صفة لمصدرها المحذوف، فلا يجوز الفصل به بين {الصيام} ومعموله الذي هو (الأيام) إذا علق بـ {الصيام} دون {كتب} ، فإنما ينصب (الأيام) من جعل (الكاف) نعتا لمصدر محذوف على الظرف، أو على أنها مفعولة لـ {كتب} على السعة. 
وأجاز بعضهم أن تكون (الكاف) من {كما} نعتا لـ {الصيام} ؛ إذ هو عام لم يأت بيانه إلا فيما بعده، فيجوز على هذا نصب (الأيام) بـ {الصيام} ؛ لأنه داخل في صلته. 
أبو علي   : الأجود فيمن جعل (الأيام) معمول {الصيام} ؛ أن ينصبه على أنه ظرف، ولا يتسع فيه فيجعله مفعولا. 
فلم يستحسن أبو علي  إعمال المصدر عمل الفعل وفيه الألف واللام; لأن الفعل نكرة، فحكم ما قام مقامه أن يكون مثله. 
{يطيقونه} من قرأ: {يطيقونه} ؛ فالأصل: (يتطيقونه) ، مثل: (يتفعلونه) ،  [ ص: 463 ] أو (يتطيوقونه) مثل: (يتفيعلونه) ، قلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء. 
نظير الأول: (تهير الجرف) ، فيمن جعل أصله: (تهور) ، فأبدلت العينان وهما واوان- ياءين، ونظير الثاني (تحيز) هو (تفعيل) من (حاز يحوز) . 
[وكذلك القول لمن قرأ: {يطيقونه} ، يجوز أن يكون «يفعلونه» أو (يفيعلونه) . 
ومن قرأ: {يطوقونه} ؛ فهو (يفعلونه) ، ولا إبدال فيه; لأن الواو أصل; بدلالة قولهم: (لا طوق لي به، ولا طاقة) ؛ فمعناه: يجعل لهم كالطوق في أعناقهم. 
و {يطوقونه} أصلها: (يتفعلونه) ، ويجوز أن يكون (يتفوعلونه) ، والأول أقيس. 
{فدية طعام}: من أضاف; فهو من باب إضافة الشيء إلى بعضه، سمي الطعام فدية، ثم أضيف إلى الطعام الذي يكون فدية وغير فدية. 
ورفع {طعام} لمن رفعه- على أنه عطف بيان، بين الفدية ما هي. 
 [ ص: 464 ] ومن جمع {مساكين} ؛ فلأن الذين يطيقونه جماعة، ومن أفرد; فعلى معنى: وعلى كل واحد من الذين يطيقونه فدية طعام مسكين لكل يوم أفطره. 
شهر رمضان   : الرفع على الابتداء، والخبر: الذي أنزل فيه القرآن  ، أو يرتفع على إضمار مبتدأ، المعنى: المفترض عليكم صومه شهر رمضان، [أو يكون على تقدير: (وفيما كتب عليكم شهر رمضان) ]، أو يكون شهر رمضان  مبتدأ و الذي أنزل فيه القرآن  صفة، والخبر: فمن شهد منكم   . 
وأعيد ذكر (الشهر) ؛ تعظيما له، كقوله الحاقة  ما الحاقة   [الحاقة: 1-2]، وجاز أن يدخله معنى الجزاء; لأن (شهر رمضان) وإن كان معرفة; فليس معرفة بعينها; لأنه شائع في جميع القبائل، قاله أبو علي   . 
ومن نصب شهر رمضان  ؛ فعلى معنى: (الزموا شهر رمضان) ، أو (صوموا شهر رمضان) ، و الذي أنزل فيه القرآن   : نعت له، ولا ينتصب بـ {تصوموا} ؛ لئلا يفرق بين الصلة والموصول بخبر {أن} ؛ وهو خير لكم   . 
 [ ص: 465 ] الرماني: يجوز نصبه على البدل من قوله: أياما معدودات   . 
فمن شهد منكم الشهر   : ظرف، والمفعول محذوف،  ولا يكون {الشهر} مفعولا; لأن كل مسافر وحاضر يشهده، [إلا أن تقدر على معنى: من أدرك منكم الشهر وهو متكامل الشروط التي يلزم الصوم بها، فيكون مفعولا حسب ما تقدم]. 
وإسكان (اللام) من {فليصمه} تخفيف، والكسر أصلها; لأنها لام الأمر، والحرف المتصل بها لا ينفصل، فصار كما هو من نفس الكلمة، ومن كسر; جاء بها على الأصل، ولم يعتد بالحرف; لأنه زائد. 
والضم والإسكان في {العسر} و {اليسر} لغتان. 
وأنتم عاكفون في المساجد   : الإفراد كالجمع في المعنى; لأنه اسم للجنس. 
وتدلوا بها إلى الحكام   : يجوز أن يكون منصوبا على جواب النهي بالواو، ومجزوما على العطف على ولا تأكلوا   . 
والكسر والفتح في (الحج) لغتان، وهما مصدران، وقيل: إنه بالكسر [الاسم، وبالفتح المصدر]. 
 [ ص: 466 ]  {البيوت} وبابه: من ضم أوله; فهو الأصل; لأنه جمع على (فعول) ، ومن كسره; كره الخروج من ضمة إلى ياء]، ولم يكره الخروج من كسرة إلى ضمة; لأن الكسرة ليست بلازمة. 
ولا تقاتلوهم  وصاحباه: من قرأها من القتل; فلأن بعده: {فاقتلوهم} ، ومن قرأها من القتال; فلأن بعده: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة   . 
والعمرة لله   : من رفع; فعلى الابتداء، والمعنى: (والعمرة مما يتقرب به إلى الله) ، والنصب على العطف على {الحج} . 
فما استيسر من الهدي   : موضع (ما) رفع على معنى: (فعليه ما استيسر) ، أو نصب على تقدير: (فليهد ما استيسر) . 
الحج أشهر معلومات   : ابتداء وخبر، وتقديره: (أشهر الحج أشهر معلومات) ، أو: (الحج حج أشهر) ، ويجوز في الكلام النصب على أنه ظرف. 
 [ ص: 467 ] و {الهدي} و {الهدي} لغتان، والهدي: لغة بني تميم،  وقد تقدم القول فيه. 
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج   : نصب الثلاثة على معنى نفي جميع المذكور، وخبر الثلاثة على هذه القراءة: في الحج  ، ومن رفع الثلاثة; جعل {لا} بمعنى (ليس) ، والخبر أيضا في الحج  ، وقد عرف من مجرى الكلام أن المراد نفي جميع الضروب المذكورة. 
ومن نصب ولا جدال  وحده; فإنه يجعل خبر (ليس) محذوفا، وقوله: في الحج  خبر ولا جدال  ، ولا يكون في الحج  خبرا عن الثلاثة على هذه القراءة; إذ لا يعمل عاملان في اسم واحد; وهما: {لا} التي بمعنى (ليس) ، و(لا) التي تبنى مع الاسم، وخبر الأولى يكون منصوبا، وخبر الثانية يكون مرفوعا; فيكون في الحج  مرفوعا منصوبا، وذلك محال. 
 [ ص: 468 ] فإن رفعت (الرفث) و (الفسوق) بالابتداء; ففي الخبر قولان: 
أحدهما: أن يكون في الحج  خبرا عن الثلاثة; لأن خبر (لا) المبنية مع الاسم مرفوع عند سيبويه، كما يرفع خبر الابتداء. 
والآخر: أن يكون أحد الخبرين محذوفا، وهو مذهب  الأخفش   ; لأنه يرى أن {لا} في ولا جدال  تعمل في الخبر الذي هو في الحج  ، فيصير قد عمل فيه شيئان: الابتداء، و {لا} . 
ووجه تفرقة من فرق بين (الرفث) و(الفسوق) وبين (الجدال) : أن قوله: فلا رفث ولا فسوق  ليس بنفي عام; إذ قد يقع الرفث والفسوق من أهل الخطايا، وقوله: ولا جدال  نفي عام; لأن معالم الحج قد استقرت، فلا جدال في إيجابه لأحد من الناس. 
وقيل: المعنى: لا جدال في الحج أنه في ذي الحجة; لأنهم كانوا يقدمونه ويؤخرونه. 
وقوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات   : {عرفات} : اسم لمكان واحد، ولفظها جمع، وصرفت وهي معرفة مؤنثة; لأنها على حكاية الجمع، كما  [ ص: 469 ] يجب أن يحكى المذكر إذا سمي به، ألا ترى أن النصب والجر يستويان في الياء; كـ (الزيدين) ، وليست بمنزلة هاء التأنيث. 
ويجوز ترك صرفها تشبيها بالواحد، فيسقط التنوين، ويترك الإعراب; كالجمع. 
حكى سيبويه: أن بعض العرب يحذف التنوين من (عرفات) ، ويترك التاء مكسورة في النصب والجر; لما جعلها اسما معرفة. 
وحكى  الأخفش،  والكوفيون: فتح التاء من غير تنوين في النصب والجر; على إجرائها مجرى تاء التأنيث في نحو: فاطمة،  وعائشة،  وأنكره  الزجاج   . 
وقوله: من حيث أفاض الناس  من قرأ: {الناسي} ؛ أراد آدم  عليه السلام من قوله: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي   [طه: 115]، وحذف الياء وبقاء الكسرة كالإثبات في المعنى. 
فاذكروا الله كذكركم آباءكم   : (الكاف) من {كذكركم} : نعت لمصدر محذوف،  أو في موضع الحال من المضمر في {اذكروا} . 
أو أشد ذكرا   : موضع {أشد} جر بالعطف على {كذكركم} ، أو نصب على تقدير: (فاذكروه ذكرا أشد من ذكركم آباءكم) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					