التفسير : 
قوله تعالى : وربائبكم   : (الربيبة) : بنت امرأة الرجل، سميت ربيبة; لتربيته إياها، وهي بمعنى: مربوبة، وزوج المرأة : ربيب ابن امرأته. 
وقوله: وحلائل أبنائكم   : الرجل حليل زوجته، والمرأة حليلة زوجها; لأن كل واحد منهما مع الآخر في فراش. 
وقيل: هي حليلة بمعنى: محلة، من الحلال. 
 [ ص: 244 ] غير مسافحين  أي: غير زانين، عن  مجاهد،   والسدي  ، وأصله: من صب الماء. 
بعضكم من بعض  أي: أنتم بنو آدم، وقيل: أنتم مؤمنون. 
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات; فلينكح بعضكم من بعض، هذا فتاة هذا، وهذا فتاة هذا; فـ (بعضكم) على هذا التقدير مرفوع بفعله. 
و (الفتاة) : المملوكة، وأصله للشابة، ويستعمل للعجوز أيضا. 
غير مسافحات  أي : متزوجات غير زانيات. 
ولا متخذات أخدان   : (الخدن) : الصديق الذي يزني بها سرا; [فـ "المسافحة" : المجاهرة بالزنا، "وذات الخدن": التي تفعله سرا]. 
وقيل: (المسافحة) : المبذولة، و (ذات الخذن) : التي تزني بواحد. 
 ابن عباس   : كانوا يستحلون ما خفي من الزنا، ويحرمون ما ظهر منه، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن   . 
ذلك لمن خشي العنت منكم  يعني: الزنا، عن  ابن عباس  ،  وابن جبير،  وغيرهما. 
 [ ص: 245 ] وقيل : هو الضرر الشديد في دين أو دنيا. 
يريد الله ليبين لكم  أي: أراد الله هذا الذي ذكره للتبيين لكم، هذا مذهب  سيبويه  وأصحابه . 
والكوفيون يرون أن اللام بمعنى: (أن) . 
وقيل : المعنى: يريد الله هذا ليبين لكم . 
ويهديكم سنن الذين من قبلكم   : من أهل الحق. 
[وقيل: معنى (يهدي) : يبين، والمعنى: يبين لكم سنن الذين من قبلكم من أهل الحق] وأهل الباطل. 
ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا  قال  مجاهد   : الزناة. 
السدي: اليهود  والنصارى.  
 ابن زيد   : هي عامة في كل مبطل; لأنه يتبع شهوة نفسه في باطله. 
وخلق الإنسان ضعيفا   مجاهد  ، وغيره: ضعيفا في أمر النساء، لا يستطيع الصبر عنهن; فلذلك أبيح له تزويج الإماء. 
 [ ص: 246 ] ولا تقتلوا أنفسكم  أي: لا يقتل بعضكم بعضا، عن  عطاء،   والسدي ،  وغيرهما. 
وقيل : المعنى: لا تتجروا في بلاد العدو; فتغرروا بأنفسكم. 
وقيل: هو نهي أن يقتل الإنسان نفسه في حال الغضب. 
ويجوز أن يكون المعنى: لا تفعلوا ما يهلككم في الآخرة، ويكون معنى ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما   : ومن يفعل في الدنيا ما يوجب عليه عذاب الآخرة; فسوف نصليه نارا. 
ومن يفعل ذلك  يعني: ما تقدم النهي عنه في الآية. 
وقيل: ما تقدم ذكر تحريمه من أول السورة. 
و (العدوان) : مجاوزة الحد، و (الظلم) : وضع الشيء في غير موضعه.  
وندخلكم مدخلا كريما  يعني : الجنة. 
والجار ذي القربى  أي: الجار المجاور، واشتقاق (الجار) من (العدول) ، فجار الإنسان قد عدل إلى ناحيته في مسكنه. 
ومعنى (ذي القربى) : الذي بينك وبينه قرابة ، فله حق القرابة وحق الجوار، روي معناه عن  ابن عباس  ، وغيره. 
وقيل : هو الجار المسلم. 
 [ ص: 247 ] والجار الجنب   : الغريب، عن  ابن عباس  ، وغيره. 
وقيل : هو الجار الذي لا قرابة بينك وبينه. 
و (الجنابة) : البعد، وأصلها: التنحية، ومنه : واجنبني وبني أن نعبد الأصنام   . 
والصاحب بالجنب   : الرفيق في السفر، عن  ابن عباس  ،  وابن جبير،  وغيرهما. 
وعن  علي  ،  وابن مسعود،  وغيرهما: الزوجة. 
 ابن جريج:  هو الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك. 
وابن السبيل   : المسافر الذي يجتاز بك مارا، عن  مجاهد،  وغيره، وقد تقدم القول فيه في (البقرة) . 
إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا   : (المختال) : ذو الخيلاء، والاختيال والفخر مذمومان إلا في حال الحرب، والمراد ههنا: من يتكبر على أقربائه إذا كانوا فقراء. 
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل  يعني: اليهود،  بخلوا بما عندهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمروا الناس بذلك. 
 [ ص: 248 ] وقيل: بخلوا بالإنفاق في سبيل الله، وكتموا ما أوتوه من صفة النبي صلى الله عليه وسلم، روي معناه عن  ابن عباس  ،  ومجاهد،  وغيرهما. 
وقيل : هي عامة في كل من بخل بالإنفاق في سبيل الله. 
والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس   : قال  الزجاج   : هذا في المنافقين، وقيل: يعني به اليهود.  
ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا   أي: من يقبل ما يسول به الشيطان; فساء قرينا قرينه . 
و (القرين) : الصاحب، مأخوذ من الاقتران. 
إن الله لا يظلم مثقال ذرة   : (المثقال) : مفعال، من: الثقل. 
و (الذرة) : النملة الحمراء، عن  ابن عباس  ، وغيره; وهي أصغر النمل، وعنه أيضا: رأس النملة. 
وإن تك حسنة يضاعفها   [أي: يجعلها أضعافا، قال بعض المفسرين: هذا نزل في المهاجرين  خاصة، واختاره  الطبري،  ورأى أن (يضاعفها) ] لأكثر من عشر أمثال الحسنات. 
قال: وهو معنى حديث  أبي هريرة:  «إن الحسنة تضاعف بألفي ألف  [ ص: 249 ] ضعف»  ; أي: للمهاجرين;  لأن الله ـ تعالى ـ أخبرنا أنه يجزي بالحسنة عشر أمثالها، فلا يكون في إخباره اختلاف . 
ويؤت من لدنه أجرا عظيما   : قال  ابن جبير   : الجنة. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					