وقوله: قالوا ربكم أعلم بما لبثتم   ، بعد قوله: لبثنا يوما أو بعض يوم   : قيل: لأنهم رأوا ما يدل على طول لبثهم. 
فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة   : قال  ابن عباس:  كانت ورقهم كأخفاف الربع; يعني: الإبل الصغار. 
فلينظر أيها أزكى طعاما  أي: أطهر، عن  ابن عباس;  لأن قومهم كانوا يأكلون الخنزير. 
 قتادة:  خير طعاما. 
 [ ص: 166 ]  مقاتل:  أطيب طعاما. 
 ابن جبير:  أحل ذبيحة. 
 عكرمة:  أكثر، وقيل: أرخص. 
{وليتلطف} أي: في ابتياع الطعام خفية. 
إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم  أي: بالحجارة، وقال  ابن جريج:  بالقول. 
ولن تفلحوا إذا أبدا  أي: إن عدتم في ملتهم. 
وكذلك أعثرنا عليهم  أي: أطلعنا، عن  قتادة،  وغيره. 
ليعلموا أن وعد الله حق  أي: ليعلم المكذبون بالبعث، ويزداد المؤمنون إيمانا. 
إذ يتنازعون بينهم أمرهم  يعني: تنازع الذين اختلفوا في بعث الأرواح والأجساد، لأن الناس حينئذ اختلفوا في كيفية البعث; فقال قوم: تبعث الأرواح والأجساد، وقال قوم: تبعث الأرواح بغير أجساد. 
والعامل في {إذ} : {أعثرنا} ، وقيل: التقدير: ليعلموا في وقت منازعتهم أن وعد الله حق في بعث الأجساد، فالعامل في {إذ} على هذا: {ليعلموا} . 
قيل: إنما كان تنازعهم حين اطلعوا عليهم، فقال بعضهم: هم أموات، وقال بعضهم: أحياء. 
وقيل: (تنازعهم) : قول المؤمنين: نبني عليهم مسجدا، وقول المشركين: نبني عليهم كنيسة، فغلب المؤمنون، كما أخبر الله تعالى في قوله: قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا   . 
 [ ص: 167 ] وقال  قتادة:   (الذين غلبوا على أمرهم) : الولاة. 
وقوله: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم  إلى قوله: وثامنهم كلبهم   : دخلت الواو في {وثامنهم} خاصة، ولو دخلت في الأولين; لكان حسنا، لأن الجملة الثانية إذا التبست بالأولى; جاز إثبات الواو وحذفها، ولا يجوز حذف الواو إذا لم ترتبط الجملة الثانية بالأولى; نحو: (لقيتك وزيد راكب) . 
وقيل: دخلت الواو; لتدل على أن القصة قد انقضت. 
وقيل: دخلت; لأن (السبعة) أصل للمبالغة; كما قال: إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم   [التوبة: 80]. 
وقوله: رجما بالغيب  أي: قذفا بالظن، عن  قتادة  وغيره. 
فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا  أي: بما ظهر لك من أمرهم، قاله  ابن عباس،  وغيره. 
ولا تستفت فيهم منهم أحدا  أي: لا تستفت في خبر أصحاب الكهف من أهل الكتاب أحدا، عن  ابن عباس،  وغيره. 
وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا  أي: عسى أن يعطيني من الدلائل على النبوة ما هو أبين من خبر أصحاب الكهف. 
وقيل: المعنى: لعل ربي أن يرشدني لأقرب مما وعدتكم به. 
 [ ص: 168 ] وقوله: ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا  ، ثم قال: قل الله أعلم بما لبثوا   ; فبين تعالى مقدار لبثهم، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: إن حاجك في ذلك المشركون من أهل الكتاب وخالفوك; فقل: الله أعلم بما لبثوا   . 
وقيل: المعنى: الله أعلم بما لبثوا إلى الوقت الذي نزل القرآن; أي: من يوم مبعثهم من نومهم إلى وقت نزوله. 
وقيل: المعنى: الله أعلم بما لبثوا إلى أن ماتوا. 
وقيل: إنما قال ذلك; لأنهم لما سمعوا: وازدادوا تسعا   ; قالوا: ما التسع؟ أسنون، أم شهور، أم ليال، أم ساعات؟وقال قتادة: إن قوله: ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا  إخبار عن أهل الكتاب، فرد الله تعالى ذلك عليهم بقوله: قل الله أعلم بما لبثوا  ، قال: وفي قراءة  ابن مسعود:   (وقالوا لبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين) . 
وقوله: قل الله أعلم بما لبثوا   : قيل: معنى {أعلم} : عالم، وقيل: هي على بابها; والمعنى: أعلم من المختلفين في لبثهم. 
وقوله: أبصر به وأسمع   : تعجب; أي: ما أبصره وأسمعه! أي: هو عالم بخبر أصحاب الكهف وغيرهم. 
ولا يشرك في حكمه أحدا   : قيل: معناه: لا يحكم أحد إلا بما حكم الله به، أو دل عليه. 
 [ ص: 169 ] وقيل: المعنى: لا يشركه أحد فيما يريده، ولا يضاده، ولا يتعقب عليه. 
وقوله: ولن تجد من دونه ملتحدا  أي: ملجأ، عن  مجاهد.  
 قتادة:  موئلا، وقيل: معدلا، وقيل: ميلا، من قولهم: (لحدت إلى كذا) ; إذا ملت إليه. 
واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي   : قال  ابن عمر،  وغيره: يعني: الصلاة المكتوبة. 
ولا تعد عيناك عنهم  أي: لا تصرف بصرك عنهم، وتميل إلى المترفين. 
ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا  الآية: 
روي: أنها نزلت في الأقرع بن حابس،  وعيينة بن حصن;  لأن كل واحد منهما كان يدعي أنه أشرف قومه. 
وقيل: نزلت في المشركين حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرد ضعفاء المؤمنين.  
وقال  مجاهد  في قوله: {فرطا} : ضياعا، وقيل: هلاكا، وقيل: إسرافا، وقيل: ندما. 
 الفراء:   {فرطا} : متروكا; أي: قد تركت فيه الطاعة. 
وقيل: إنه من (أفرط) ; إذا أسرف وتجاوز; فكأن كون أمره فرطا: إسرافه  [ ص: 170 ] وتجاوزه الحق. 
وقوله: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر   : قال  ابن عباس:  من شاء الله له الإيمان; آمن، ومن شاء له الكفر; كفر. 
 ابن جريج:  هو وعيد. 
وقوله: إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها   : قال  ابن عباس،   وابن زيد:   (السرادق) : حائط من نار كسرادق الفسطاط، يحيط بهم. 
وقيل: هو البحر المحيط بالدنيا، وجاء في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم:  "أن البحر جهنم"، وتلا هذه الآية. 
وروى عنه  الخدري  أنه قال:  "سرادق النار أربعة جدر، كثف كل واحد منها مسيرة أربعين سنة". 
وقيل: (السرادق) ههنا: الدخان الذي يحيط بالكفار يوم القيامة; وهو الذي قال فيه: انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب   [المرسلات: 30]. 
و (السرادق) في اللغة: ما أحاط بالشيء. 
وقوله: يغاثوا بماء كالمهل   : (المهل) : كل شيء أذيب حتى انماع. 
 ابن عباس:  دردي الزيت. 
 [ ص: 171 ] مجاهد: الدم والقيح، وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:  "أنه صديدهم". 
 سعيد بن جبير:  هو الذي انتهى حره. 
وقيل: هو ما أذيب من الذهب، والفضة، والرصاص، والنحاس. 
 الضحاك:  هو ماء جهنم، هو أسود، وهي سوداء، وشجرها أسود، وأهلها سود. 
وقيل: هو عكر القطران. 
يشوي الوجوه   : أي: يحرقها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:  "إذا قربه إلى وجهه; سقطت فروة وجهه فيه"، رواه عنه  الخدري.  
بئس الشراب  أي: بئس الشراب هذا الذي يغاثون به. 
وساءت مرتفقا  أي: ساءت النار مرتفقا، و (المرتفق) : المتكأ; فالمعنى: موضع مرتفق. 
وقوله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا   . 
 [ ص: 172 ] أي: من أحسن عملا منهم؟ فحذف، وقيل: المعنى: لا نضيع أجرهم،  والآية عامة في من كان على الصفة المذكورة فيها. 
وروى  البراء بن عازب:  أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها; فقال: "نزلت في أبي بكر،   وعمر،   وعثمان،   وعلي"  رضي الله عنهم. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					