[ ص: 304 ] وقوله: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا   [البقرة: 104] الآية. 
قال بعض العلماء: هذه الآية ناسخة لقول كان مباحا، كان المسلمون يقولون: (راعنا) على جهة السؤال للنبي صلى الله عليه وسلم أن يراعي أحوالهم، ويتفقد أمورهم، فنسخ الله ذلك؛ لأن اليهود كانت تقول ذلك على وجه الاستهزاء والسب. 
وقيل: إن معنى قول المسلمين إياها: أرعنا نرعك، فنهوا عن ذلك؛ لما في مخاطبة النبي عليه الصلاة والسلام به من الجفاء. 
وقوله: فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره  هذا وشبهه منسوخ بالقتال،  قال  ابن عباس   : بقوله: [ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم   [التوبة: 5]. 
وقال  السدي،   وقتادة   : بقوله ]: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله   [التوبة: 29] الآية التي في (التوبة). 
وقوله: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله  قيل: هي منسوخة،  وقيل: هي محكمة، فمن قال: هي منسوخة:  ابن زيد،  وغيره، قال  ابن زيد   : كانوا أبيح لهم أن يصلوا إلى أي قبلة شاؤوا، فصلى النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمون  [ ص: 305 ] إلى بيت المقدس  بضعة عشر شهرا، فقالت اليهود: ما اهتدى لقبلته حتى هديناه، فكره ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، ورفع طرفه إلى السماء، فأنزل الله تعالى: قد نرى تقلب وجهك في السماء  إلى قوله: وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره   [البقرة: 144]. 
وقيل: هي محكمة. 
قال  مجاهد،   والضحاك   : المعنى: أين ما كنتم من شرق أو غرب؛ فثم وجه الله الذي أمر باستقباله؛ وهو الكعبة.  
وعن  مجاهد  أيضا،  وابن جبير   : لما نزلت: ادعوني أستجب لكم   [غافر: 60]؛ قالوا: إلى أين؟ فنزل: فأينما تولوا فثم وجه الله  ، فهي على هذا في الدعاء. 
 ابن عمر،   والنخعي   : أينما تولوا في أسفاركم ومتصرفاتكم؛ فثم وجه الله. 
وعن  ابن عمر  أيضا: أنه تأولها في الصلاة على الراحلة في السفر  حيث ما توجهت براكبها، وقال:  (كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي وهو مقبل من مكة  إلى المدينة  على دابته، فنزلت الآية في ذلك). 
وروى عبد الله بن عامر بن ربيعة  عن أبيه قال: ( كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام في ليلة سوداء مظلمة، فجعل الرجل يأخذ الأحجار يعمل مسجدا  [ ص: 306 ] يصلي فيه، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فنزلت الآية  ). 
 قتادة   : لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالصلاة على  النجاشي؛  قالوا: إنه لا يصلي إلى القبلة، فنزلت الآية. 
 ابن عباس   : نزلت حين حول النبي عليه الصلاة والسلام إلى الكعبة،  وقالت اليهود: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها   [البقرة: 143]. 
وقيل: هي متصلة بقوله: ومن أظلم ممن منع مساجد الله   [البقرة: 19] الآية، فالمعنى: أن بلاد الله - أيها المؤمنون- تسعكم، فلا يمنعكم تخريب من خرب مساجد الله أن تولوا وجوهكم نحو قبلة الله أينما كنتم من أرضه. 
وقيل: نزلت حين صد النبي عليه الصلاة والسلام عام الحديبية،  فاغتم المسلمون لذلك. 
فتلك عشرة أقوال. 
ومعنى فثم وجه الله  على هذا: فثم الله، وقيل: فثم تدركون رضا الله. 
ومن جعلها منسوخة؛ فلا اعتراض عليه من جهة كونها خبرا؛ لأنها محتملة لمعنى الأمر، ويحتمل أن يكون معنى فأينما تولوا فثم وجه الله   : ولوا وجوهكم نحو وجه الله. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					