[ ص: 5 ] كتاب التوبة وقبولها، وسعة رحمة الله تعالى عز وجل، وغير ذلك 
ولفظ النووي:   (باب التوبة). 
قلت: وأصل التوبة في اللغة:  الرجوع. يقال: تاب وثاب بالمثلثة، وآب: بمعنى «رجع». والمراد هنا: الرجوع عن الذنب. ولها ثلاثة أركان:  الإقلاع، والندم على فعل تلك المعصية، والعزم على أن لا يعود إليها أبدا. 
فإن كانت المعصية «لحق آدمي»، فلها ركن رابع: وهو التحلل من صاحب ذلك الحق. 
وأصلها: «الندم» وهو ركنها الأعظم. 
واتفقوا: على أن التوبة   - من جميع المعاصي -: واجبة، وأنها على الفور. لا يجوز تأخيرها، سواء كانت المعصية صغيرة، أو كبيرة. 
والتوبة: من مهمات الإسلام، وقواعده المتأكدة. ووجوبها - عند أهل السنة -: بالشرع. وعند المعتزلة:  بالعقل. 
ولا يجب على الله قبولها - إذا وجدت بشروطها -: عقلا، عند أهل السنة. لكنه «سبحانه وتعالى» يقبلها: كرما، وفضلا ؟. وعرفنا قبولها: بالشرع والإجماع. خلافا لهم. وإذا تاب من ذنب، ثم ذكره: هل يجب تجديد الندم ؟  فيه خلاف ؛ قال  ابن الأنباري:  يجب. 
وقال  إمام الحرمين:  لا يجب. 
 [ ص: 6 ] وتصح التوبة: من ذنب، وإن كان مصرا على ذنب آخر. 
وإذا تاب توبة صحيحة بشروطها، ثم عاود ذلك الذنب:  كتب عليه ذلك الذنب الثاني، ولم تبطل توبته. هذا مذهب أهل السنة في المسألتين. 
وخالف المعتزلة  فيهما. 
قالت الشافعية: ولو تكررت التوبة، ومعاودة الذنب:  صحت. 
ثم توبة الكافر،  من كفره: مقطوع بقبولها. وما سواها من أنواع التوبة: هل قبولها مقطوع به، أم مظنون فيه ؟ خلاف لأهل السنة. 
واختار  إمام الحرمين:  أنه مظنون. وهو الأصح. قلت: حديث «التائب من الذنب، كمن لا ذنب له»: يدل على أنه مقطوع به. بل نص في محل النزاع. والأدلة الكثيرة - من الكتاب والسنة -: تؤيده. 
«وسبق رحمة الله، على غضبه»: أعظم دليل على ذلك. والله أعلم بما هنالك. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					