ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا    . 
[6] وقد روي أن سيدنا سليمان بن داود  عليهما السلام عمر بيت المقدس من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ، وكان عمده ذهبا ، أعطاه الله ذلك ، وسخر له الجن والشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين ، وعمل  [ ص: 80 ] فيه عملا لا يوصف ، فلم يكن يومئذ في الأرض بيت أبهى ولا أنور من ذلك المسجد ، كان يضيء في الظلمة كالقمر ليلة البدر ، وكانت صخرة بيت المقدس  أيام سليمان  ارتفاعها اثنا عشر ذراعا ، وكان الذراع ذراع الأمان ذراع وشبر وقبضة ، وكان ارتفاع القبة التي عليها ثمانية عشر ميلا ، وفوق القبة غزال من ذهب بين عينيه درة أو ياقوتة حمراء تغزل نساء أهل البلقاء على ضوئها بالليل ، وهي من فوق مرحلتين من القدس ، وكان أهل عمواس  يستظلون بظل القبة إذا طلعت الشمس من المشرق ، وعمواس  بفتح الميم وسكونها ، وهي التي سمي بها الطاعون على الراجح ؛ لأنه منها ابتدأ ، وكان في سنة ثماني عشرة من الهجرة ، وهي بالقرب من رملة فلسطين  ، مسافتها عن بيت المقدس  نحو بريد ونصف ، وإذا غربت الشمس استظل بها أهل بيت الرامة من الغور ، ومسافتها عن بيت المقدس  أبعد من عمواس  ، وبين عمارة سليمان  عليه السلام للمسجد الأقصى وبين الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها الصلاة والسلام ألف وثمان مئة وقريب سنتين ، وسيأتي ذكر بنائه في تفسير سورة سبأ عند قوله تعالى : يعملون له ما يشاء من محاريب   [سبأ : 13] ، واستمر على العمارة السليمانية أربع مئة وثلاثا وخمسين سنة إلى أن غزاهم بخت نصر  ، وخرب العمارة السليمانية ، وأحرق بيت المقدس  وخربه ، واحتمل منه ثمانين عجلة ذهبا وفضة ، وأباد بني إسرائيل قتلا وتشريدا ، واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة كما تقدم ذكره في سورة البقرة ، ثم أهلك الله بخت نصر  ببعوضة دخلت دماغه ، ونجى الله من بقي من بني إسرائيل ، ولم يمت ببابل .  [ ص: 81 ] 
ثم رددنا لكم الكرة  الدولة العلية . 
عليهم  أي : على الذين قتلوكم حين تبتم . 
وأمددناكم بأموال وبنين  روي أن الله تعالى أوحى إلى أرمياء  النبي عليه السلام أن  كورش  يعمر بيت المقدس  ، وهو ملك من ملوك الفرس ، وكان مؤمنا ، فسار  كورش  ببني إسرائيل ، وحلي بيت المقدس  حتى رده إليه ، وعمر بيت المقدس ، وعاد البلد أحسن مما كان ، وأصعد إليها من بني إسرائيل أربعين ألفا ، وقربوا القرابين على رسومهم الأولى ، ورجعت إليهم دولتهم ، وعظم محلهم عند الأمم ، واستمر بيت المقدس  عامرا سبع مئة وإحدى وعشرين سنة . 
وجعلناكم أكثر نفيرا  عددا ، والنفير : من ينفر مع الرجل من قومه . 
* * * 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					