معنى الجماعة 
والجماعة : هي جماعة من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه وعترته . 
فلا ينبغي لأحد من المؤمنين أن يذهب عن طريقة تلك الجماعة حتى يذهب به نص في شيء . 
وقال تعالى : من المؤمنين  المخلصين رجال صدقوا   ; أي : أتوا بالصدق ما عاهدوا الله عليه   ; أي : وفوا بعهدهم مع الرسول - عليه الصلاة والسلام - في مقاتلة من قاتله . 
فمنهم من قضى نحبه   ; أي : فرغ من نذره ، ووفى بعهده ، وصبر على الجهاد حتى استشهد . 
ومنهم من ينتظر  قضاء نحبه حتى يحضر أجله ، وما بدلوا تبديلا   [الأحزاب : 23]; أي : ما غيروا عهدهم الذي عاهدوا الله ورسوله عليه ، كما غير المنافقون عهدهم ، بل ثبتوا عليه ثبوتة مستمرة . 
وهذه الآية ، وإن وردت في أمر الجهاد والثبات فيه ، ولكنها بعمومها تشمل كل عهد عهده المؤمن مع الله ورسوله . 
 [ ص: 98 ] ومنه عهدهم باتباع الكتاب والسنة ، وإطاعة كل واحد منهما في كل أمر  ، في المنشط والمكره . 
ووصفهم بعدم التبديل مشعر بأن من شأن المؤمن المخلص ألا يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير; كإبدال الاتباع بتقليد الرأي ، وإيثار البدعة في مقابلة السنة الصحيحة . 
وقال تعالى : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات   [الأحزاب : 30]; أي : المطيعات العابدات ، الدائمات على العبادات والطاعات ، والصادقين والصادقات  وهما من يتكلم بالصدق ، ويتجنب الكذب ، ويفي بما عوهد عليه ، وبما وعد به ، والصابرين والصابرات  هما من يصبر عن الشهوات وعلى مشاق التكليفات ، والخاشعين والخاشعات   ; أي : المتواضعين لله ، الخائفين منه ، الخاضعين له في عباداتهم والمتصدقين والمتصدقات  هما من تصدق من ماله بما أوجبه الله عليه . وقيل : ذلك أعم من صدقة الفرض والنفل ، والصائمين والصائمات  قيل : ذلك يختص بالفرض . ولا وجه له ، بل هو يعم الفرض والنفل . 
والحافظين فروجهم والحافظات  عن الحرام بالتعفف والتنزه والاقتصار على الحلال ، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات  هما من يذكر الله على جميع أحواله . 
وفي ذكر الكثرة دليل على مشروعية الاستكثار من ذكره سبحانه بالقلب واللسان . 
والخبر لجميع ما تقدم هو قوله : أعد الله لهم مغفرة  لذنوبهم التي أذنبوها ، وأجرا عظيما  على طاعاتهم التي فعلوها من الإسلام ، والإيمان ، والقنوت ، والصدق ، والصبر ، والخشوع والتصدق ، والصوم والعفاف ، والذكر . 
ووصف الأجر بالعظم; للدلالة على أنه بالغ غاية المبلغ ، ولا شيء أعظم  [ ص: 99 ] أجرا من الجنة ونعيمها الدائم ، الذي لا ينقطع ولا ينفد ، اللهم اغفر ذنوبنا وأعظم أجورنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					