باب فيمن جاء والإمام راكع: هل يركع في موضع إن خشي أن تفوته الركعة؟ 
وقال  مالك:  فيمن جاء والإمام راكع:  فليركع إن خشي أن يرفع الإمام رأسه إذا كان قريبا يطمع إذا ركع فدب أن يصل إلى الصف. فإن كان بعيدا فركع أن ذلك مجزئ عنه . 
وأجاز بعد ذلك أن يركع حيث هو . 
واختلف في هذه المسألة في ثلاثة مواضع: 
أحدها: في حد القرب الذي يجوز له أن يركع فيه ثم يمشي منه. 
والثاني: هل يتمادى إلى الصف وهو في حال ركوعه أو بعد رفعه؟ 
والثالث: إذا كان بعيدا هل يصلي في موضعه أو يتمادى إلى الصف وإن فاتته الركعة؟ 
فأما حد القرب فقيل: قدر ذلك الصفان يمشي فرجتين. 
وقال في العتبية: الصفان والثلاثة . 
وكل هذا واسع خفيف. 
وأما صفة لحوقه بالصف إذا كان قريبا فظاهر الكتاب أنه يدب راكعا ، وقال  مالك  في سماع  أشهب:  لا أرى لأحد أن يدب راكعا; لأنه لا يدب راكعا  [ ص: 283 ] إلا تجافت يداه عن ركبتيه. 
وهذا أحسن; لأن اشتغاله حينئذ بما ينبغي أن يكون عليه في تلك العبادة من خشوع وتسبيح وذكر الله تعالى أفضل; ولأن المشي في حال الركوع مما يستقبح، فكان تأخيره حتى يرفع رأسه أولى. 
وقال  مالك  في العتبية فيمن جاء والإمام راكع وعند باب المسجد قوم يصلون:  فليركع معهم ليدرك الركعة، إلا أن يكونوا قلة فليتقدم إلى الفرج أحب إلي . 
فرأى أن اللحوق بالصف أولى من لحوق الركعة مع النفر اليسير، فإذا كان ذلك فأحرى ألا يصلي وحده إذا كان على بعد وإن فاتته الركعة. 
وهو أحسن; لحديث  أبي هريرة  قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:  " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" ، فجعل الإتيان على سكينة أفضل من فوت الركعة، وفضل الصف الأول أفضل من الإتيان بالسكينة; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:  " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه"  . إلا أن يكون في آخر ركعة فليركع; لأنه إن تمادى لم يدرك شيئا.  [ ص: 284 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					