فصل [زكاة ذوات الزيت] 
الزكاة تجب فيما يراد منه زيته  ، وذلك في خمسة : الزيتون ، والجلجلان ، وحب الفجل وبزر الكتان والقرطم ، على اختلاف في هذه الثلاثة . فقال  مالك  في المدونة : في حب الفجل الزكاة إذا بلغ خمسة أوسق . وقال في المجموعة : في بزر الكتان وحب القرطم لا زكاة فيهما . قيل له : إن بعض الناس يعصر منه الزيت الكثير ، فقال : فيزكى إذا كثر . قال  سحنون   . وقد قال : لا زكاة فيه ، قال : وهو أحب إلي . وقال  ابن القاسم  في كتاب محمد   : لا زكاة في بزر الكتان ، ولا في زيته ؛ إذ ليس بعيش . وقيل في بزر الفجل  [ ص: 1077 ] أيضا : لا زكاة فيه . ويلحق بهذه بزر السلجم إذا عمل بمصر ، والجوز إذا عمل بخراسان  ، وقد ذكر أنهم يعولون على زيتها للأكل . 
فأما الزيتون فالأصل فيه قول الله سبحانه : وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات   [الأنعام : 141] ؛ ولأنه في البلدان التي هو بها مقتات وأصل للعيش . وكذلك الجلجلان باليمن  والشام  هو عندهم عمدة في الاستعمال للأكل ، ولا تجب فيه الزكاة عندنا بالمغرب  على أصل المذهب : أن الزكاة إنما تجب فيما كان مقتاتا أصلا للعيش ؛ لأنه إنما يراد للعلاج ويقام منه الادهان كالبنفسج والورد والياسمين وما أشبه ذلك ، وقد تقدم من قول  أبي الحسن ابن القصار  في التين : أنه لا يزكى في المدينة  ، ويزكى بالشام  ، ولأن هذه الأشياء لم يأت في زكاتها نص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما ترد إلى غيرها مما تجب فيه الزكاة إذا وجدت فيها الشروط التي تجب بها الزكاة . 
وأما بزر الكتان فالصواب أن لا زكاة فيه ؛ لأنه لا يراد للأكل ، ولا في حب القرطم ؛ لأنه ليس مما يعيش ، ولأن النصاب في الحبوب خمسة أوسق ،  [ ص: 1078 ] فإذا كانت هذه الأوسق لا تخرج من الزيت إلا يسيرا علم أنها ليست من الأموال التي قصد وجوب الزكاة فيها بذلك النصاب ؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء إلى الفقراء  ، ولا يصح أن يجعل نصاب أكثر من خمسة أوسق . 
ولو قحطت السماء عن الزيتون فحط زيته عن المعتاد بالشيء البين ، فصار إلى النصف أو ما أشبه ذلك ، لم تجب الزكاة في خمسة أوسق منه ، والعادة أنه يعصر من قفيز زيتون ما يزيد على العشرين قفيزا زيتا ، ربما الخمسة والستة ونحو ذلك . وقد قحطت السماء عندنا في بعض السنين فكان يخرج من القفيز الزيتون خمسة أقفزة زيتا ونحوها ، وهذا شبيه بالجوائح ، فإن وجد من الزيتون فوق خمسة أوسق مما يخرج قريبا من الخمسة الأوسق على الوجه المعتاد كانت فيه الزكاة . وهذا بخلاف القرطم لورود النص بوجوب الزكاة في الزيتون دون الآخر . 
وتجب الزكاة في حب الفجل بمصر  ؛ لأنه يراد للأكل وهو مما يكثر زيته .  [ ص: 1079 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					