فصل [في أحوال الداخل إلى مكة]  
دخول الرجل مكة   على ثلاثة أوجه : حرام ، وحلال ، ومختلف فيه : هل يدخلها حلالا ، أم لا ؟ 
فالأول : الدخول لحج أو عمرة ، فهذا يأتي حراما من المواقيت التي سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .  [ ص: 1163 ] 
والثاني : الدخول لقتال بوجه جائز ، ذكره  أبو الحسن ابن القصار  ، ودخول من يتكرر دخوله مثل الحطابين وأصحاب الفواكه وغيرهم ممن قرب من مكة  ، وكل هؤلاء يجوز أن يدخلوها حلالا . والاستحباب : أن يأتي أول مرة محرما ، فإذا تكرر منه بعد ذلك لم يكن عليه شيء . 
والثالث : دخولها لتجارة أو لحاجة ، فيختلف فيه على ثلاثة أقوال : فقال  ابن شهاب   وأبو مصعب   : لا بأس أن يدخلها حلالا . وذكر  أبو الحسن ابن القصار  عن  مالك  أنه استحب أن يدخلها حراما ، وإلى هذا يرجع قوله في المدونة ؛ لأنه قال : إن فعل فلا هدي عليه . 
وذكر  أبو محمد عبد الوهاب  عنه أنه قال : عليه الدم . وأرى أن الإحرام واجب عليه . واحتج من أباح ذلك بدخول النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح حلالا . واحتج من منع ذلك بأن مكة  كانت ذلك اليوم حلالا لما أبيح فيها القتال ، قال : وهو معنى قوله تعالى : وأنت حل بهذا البلد  أنها كانت ذلك اليوم حلالا ، ثم عادت حرمتها بعد ذلك . 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : حديث  ابن عباس   - رضي الله عنه - يتضمن جواز الدخول حلالا ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المواقيت :  "لمن أراد الحج والعمرة" وعلق الأمر بإرادة من أراد الدخول لحج أو لعمرة ، ومن لم يرد ذلك فلا شيء عليه .  [ ص: 1164 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					