فصل [في تعين القتال على من نزل به العدو] 
وقد يتعين الجهاد بأن ينزل العدو بقوم وبهم قوة على قتالهم  ، فيجب على من نزل بهم القتال ، ولا يجوز لهم الترك ، ويلقوا بأيديهم . 
ويجب على من لم ينزل به العدو إذا كان من نزل بهم غير قادرين على قتالهم ، وكان متى نفر إليهم هؤلاء استنفروهم ، إلا أن يكون على بعد ، متى نفروا إليهم لم يدركوهم ، إلا بعد فصولهم عنهم . 
ويتعين الجهاد أيضا باستنقاذ الأسرى من أيدي العدو إذا كانوا قادرين على أن يستنقذوهم ؛ لقول الله -عز وجل- : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها   [النساء : 75] . 
يريد الله -عز وجل- قتال أهل مكة  ، ليستنقذ من فيها من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان . وإذا لم تكن لهم قدرة على القتال وكانت لهم أموال ، وجب الفداء منها ، وإن كانت لهم قدرة على القتال ولهم أموال ، كانوا بالخيار بين القتال والفداء ، وذلك واجب عليهم أن يمتثلوا أحد الأمرين . 
واعتبار القدرة على القتال أن يكون المسلمون على النصف من العدو . 
واختلف هل المراد النصف في العدد أو القوة ؟ قال  ابن حبيب   : والأكثر من القول أن ذلك في العدد ، فلا تفر المائة من المائتين ، وإن كانوا أشد جلدا ،  [ ص: 1342 ] وأكثر سلاحا . 
وقال  مالك   وابن الماجشون   : ذلك في القوة . 
قال الشيخ -رحمه الله- : ولا أعلمهم يختلفون أنه متى جهل منزلة بعضهم من بعض في القوة أنهم مخاطبون بالعدد ، وقد ورد القرآن بالعدد أي : أصناف أهل الكفر كانوا العرب والفرس والروم في ذلك سواء ولم يفرق ، وإن اختلفت الشجاعة . 
ولا شك أن فيمن كان يقاتلونه من لم يخالطوه ، ولم يعاينوه إلا حين القتال ، فكيف يعرف منزلة من لم يخالطه في الشجاعة ، وهذا من تكليف ما لا يطاق .  [ ص: 1343 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					