باب في الهدايا وما يمنع منها 
وقال  مالك  فيمن قال "علي هدي":  يهدي بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد وقصرت النفقة فشاة، وإن قال: لله علي بدنة; كانت من الإبل. فإن لم يجد وقصرت النفقة; فبقرة، فإن لم يجد; فسبع من الغنم . 
وقد اختلف في هذين السؤالين، فقال في كتاب الحج، فيمن قال "علي هدي": الشاة تجزئ . وقد اختلف في هذا الأصل: هل تبرأ الذمة بأعلى ذلك المنذور، أو بأقله؟  
فقال فيمن نذر صوم شهر، فصامه لغير الهلال: إنه يصومه ثلاثين يوما . وهذا مثل قوله في الهدي: أنه يهدي بدنة، ولا يهدي الشاة، إلا عند عدم القدرة للبدنة وللبقرة . وقال محمد بن عبد الحكم   : تجزئه تسعة وعشرون يوما، وهذا مثل أحد قولي  مالك  أنه تجزئه الشاة ابتداء، وقد تقدم وجه ذلك في كتاب الصوم. 
واختلف إذا قال: لله علي بدنة، فقصرت النفقة;  فقال ابن نافع   : لا تجزئه البقرة ولا تجزئه إلا بدنة من الإبل ولا يجزئه إلا ما نذر. وقال الخليل   : البقر من البدن .  [ ص: 1664 ] 
وقول ابن نافع  أحسن; لأن الناس لا يعرفون البدن إلا من الإبل، وهي التي يقصد الناذر. 
وقول  مالك  استحسان، لحديث جابر  ، قال:  "نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة"  . وجعل أحدهما يسد مسد الآخر. وكذلك قوله: إذا عدمت البقرة، أو قصرت النفقة: إنه يهدي سبعا من الغنم; لأن الهدي شاة، وهو أقل ما ينوب أحد التمتعين. 
قال  ابن القاسم   : وإن أحب أن يصوم; فعشرة أيام ، فإن أيسر; كان عليه ما نذر . 
وقال  مالك  في كتاب  ابن حبيب   : إذا أعسر، وقال: علي هدي;  صام عشرة أيام، فإن قال: بدنة; صام سبعين يوما . 
قال  أشهب   : إن أحب صام سبعين يوما أو أطعم سبعين مسكينا . 
وظاهر قوليهما ألا شيء عليه بعد ذلك، وهذا أيضا استحسان; لأن الله تعالى أوجب في القتل والظهار عتق رقبة، ثم جعل الصوم عند عدم العتق; فكان صيام هذين عند عدم القدرة على الهدي براءة لهما.  [ ص: 1665 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					