وأما زهده في الدنيا )  فيدل عليه ما روي أن المهدي أمير المؤمنين  سأله فقال له : هل لك من دار ؟ فقال : لا ، ولكن أحدثك سمعت ربيعة بن أبي عبد الرحمن  يقول نسب المرء داره وسأله الرشيد هل لك دار ؟ فقال : لا ، فأعطاه ثلاثة آلاف دينار وقال : اشتر بها دارا فأخذها ولم ينفقها فلما أراد الرشيد  الشخوص قال  لمالك رحمه الله  ينبغي أن تخرج معنا فإني عزمت على أن أحمل الناس على الموطأ كما حمل عثمان رضي الله عنه الناس على القرآن فقال له أما حمل الناس على الموطأ فليس إليه سبيل لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم افترقوا بعده في الأمصار فحدثوا فعند كل أهل مصر علم وقد قال صلى الله عليه وسلم اختلاف أمتي رحمة وأما الخروج معك فلا سبيل إليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المدينة  خير لهم لو كانوا يعلمون وقال صلى الله عليه وسلم المدينة  تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد وهذه دنانيركم كما هي إن شئتم فخذوها وإن شئتم فدعوها يعني أنك إنما تكلفني مفارقة المدينة لما اصطنعته إلي فلا أوثر الدنيا على مدينة رسول الله  صلى الله عليه وسلم فهكذا كان زهد  مالك  في الدنيا ولما حملت إليه الأموال الكثيرة من أطراف الدنيا لانتشار علمه وأصحابه كان يفرقها في وجوه الخير ودل سخاؤه على زهده وقلة حبه للدنيا وليس الزهد فقد المال وإنما الزهد فراغ القلب عنه ولقد كان سليمان عليه السلام  في ملكه من الزهاد . 
ويدل على احتقاره للدنيا ما روي عن  الشافعي رحمه الله  أنه قال : رأيت على باب  مالك  كراعا من أفراس خراسان  ويقال مصر  ما رأيت أحسن منه فقلت  لمالك رحمه الله  ما أحسنه فقال هو هدية مني إليك يا أبا عبد الله  فقلت : دع لنفسك منها دابة تركبها . 
فقال إني : أستحي من الله تعالى أن أطأ تربة فيها نبي الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة فانظر إلى سخائه إذ وهب جميع ذلك دفعة واحدة وإلى توقيره لتربة المدينة . 
      	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					