الخامسة : أن تمتنع المرأة لتعززها ومبالغتها في النظافة والتحرز من الطلق والنفاس والرضاع ، وكان ذلك عادة نساء الخوارج ;  لمبالغتهن في استعمال المياه حتى كن يقضين صلوات أيام الحيض ولا يدخلن الخلاء إلا عراة فهذه بدعة تخالف السنة ، فهي نية فاسدة واستأذنت واحدة منهن على  عائشة ،  رضي الله عنها ، لما قدمت البصرة  فلم تأذن لها فيكون القصد هو الفاسد ، دون منع الولادة . 
فإن قلت : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من ترك النكاح مخافة العيال ، فليس منا  ، ثلاثا قلت  : فالعزل كترك النكاح . 
وقوله ليس : منا ، أي : ليس موافقا لنا ، على سنتنا ، وطريقتنا ، وسنتنا : فعل الأفضل . 
فإن قلت : فقد قال صلى الله عليه وسلم : في العزل ذاك الوأد الخفي ، وقرأ : وإذا الموءودة سئلت  وهذا ، في الصحيح . 
قلنا وفي الصحيح : أيضا أخبار صحيحة . 
في الإباحة وقوله الوأد الخفي . كقوله الشرك الخفي ، وذلك يوجب كراهة لا تحريما . 
فإن قلت : فقد قال  ابن عباس ،   : العزل هو الوأد الأصغر فإن ، الممنوع وجوده به هو الموءودة الصغرى . 
قلنا : هذا قياس منه لدفع الوجود على قطعه ، وهو قياس ضعيف ولذلك أنكره عليه  علي ،  رضي الله عنه ، لما سمعه قال ولا : تكون موءودة إلا بعد سبع أي بعد الأخرى سبعة أطوار ، وتلا الآية الواردة في أطوار الخلقة ، وهي قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين  ثم جعلناه نطفة في قرار مكين  ، إلى قوله ثم : أنشأناه خلقا آخر  ، أي : نفخنا فيه الروح ، ثم تلا قوله تعالى في الآية : وإذا الموءودة سئلت  وإذا نظرت إلى ما قدمناه في طريق القياس والاعتبار ، ظهر لك تفاوت منصب  علي ،   وابن عباس  رضي الله عنهما ، في الغوص على المعاني ، ودرك العلوم كيف وفي المتفق عليه في الصحيحين على ،  جابر  أنه قال كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل وفي لفظ آخر : كنا نعزل فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا . 
وفيه أيضا عن  جابر  أنه قال : إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارية ، خادمتنا ، وساقيتنا في النخل ، وأنا أطوف عليها ، وأكره أن تحمل ، فقال صلى الله عليه وسلم : اعزل عنها إن شئت فإنه ، سيأتيها ما قدر لها فلبث الرجل ما شاء الله ثم أتاه فقال إن الجارية قد حملت، فقال: قد قلت سيأتيها ما قدر لها . 
كل ذلك في الصحيحين . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					