ومنها الإسراف في الطعام  والبناء فهو منكر بل في المال منكران : أحدهما الإضاعة والآخر الإسراف . 
فالإضاعة تفويت مال بلا فائدة يعتد بها كإحراق الثوب وتمزيقه وهدم البناء من غير غرض وإلقاء ، المال في البحر وفي معناه صرف المال إلى النائحة والمطرب وفي أنواع الفساد لأنها فوائد محرمة شرعا فصارت كالمعدومة . 
وأما الإسراف فقد يطلق لإرادة صرف المال إلى النائحة والمطرب والمنكرات وقد يطلق على الصرف إلى المباحات في جنسها ولكن مع المبالغة . 
والمبالغة تختلف بالإضافة إلى الأحوال فنقول : من لم يملك إلا مائة دينار مثلا ومعه عياله وأولاده ولا معيشة لهم سواه فأنفق الجميع في وليمة فهو مسرف يجب منعه ، قال تعالى ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا  نزل هذا في رجل بالمدينة  قسم جميع ماله ولم يبق شيئا لعياله ، فطولب بالنفقة فلم يقدر على شيء وقال تعالى : ولا تبذر تبذيرا  إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين  وكذلك قال عز وجل : والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا  فمن يسرف هذا الإسراف ينكر عليه ويجب على القاضي أن يحجر عليه إلا إذا كان الرجل وحده ، وكان له قوة في التوكل صادقة فله أن ينفق جميع ماله في أبواب البر.  
ومن له عيال أو كان عاجزا عن التوكل ، فليس له أن يتصدق بجميع ماله . 
وكذلك لو صرف جميع ماله إلى نقوش حيطانه وتزيين بنيانه  ، فهو أيضا إسراف محرم ، وفعل ذلك ممن له مال كثير ليس بحرام لأن التزيين من الأغراض الصحيحة ، ولم تزل المساجد تزين وتنقش أبوابها  وسقوفها مع أن نقش الباب والسقف لا فائدة فيه إلا مجرد الزينة فكذا الدور وكذا ، القول في التجمل بالثياب والأطعمة ، فذلك مباح في جنسه ويصير إسرافا باعتبار حال الرجل وثروته وأمثال هذه المنكرات كثيرة لا يمكن حصرها . 
فقس بهذه المنكرات المجامع ومجالس القضاة ودواوين السلاطين ومدارس الفقهاء ورباطات الصوفية وخانات الأسواق ، فلا تخلو بقعة عن منكر مكروه أو محظور، واستقصاء جميع المنكرات يستدعي استيعاب جميع تفاصيل الشرع أصولها وفروعها فلنقتصر على هذا القدر . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					