وعرفت أن الشافعي وكافة السلف إنما منعوا عن الخوض فيه والتجرد له ؛ لما فيه من الضرر الذي نبهنا عليه .
وأن ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما من مناظرة الخوارج وما نقل عن علي رضي الله عنه من المناظرة في القدر وغيره كان من الكلام الجلي الظاهر وفي محل الحاجة وذلك محمود في كل حال .
نعم ، قد تختلف الأعصار في كثرة الحاجة وقلتها ؛ فلا يبعد أن يختلف الحكم لذلك فهذا حكم العقيدة التي تعبد الخلق بها وحكم طريق النضال عنها وحفظها فأما إزالة الشبهة وكشف الحقائق ومعرفة الأشياء على ما هي عليه وإدراك الأسرار التي يترجمها ظاهر ألفاظ هذه العقيدة فلا مفتاح له إلا المجاهدة وقمع الشهوات والإقبال بالكلية على الله تعالى وملازمة الفكر الصافي عن شوائب المجادلات وهي رحمة من الله عز وجل تفيض على من يتعرض لنفحاتها بقدر الرزق وبحسب التعرض وبحسب قبول المحل وطهارة القلب وذلك البحر الذي لا يدرك غوره ولا يبلغ ساحله .


