وفي الخبر البذاذة من الإيمان وفي الخبر : من ترك ثوب جمال وهو يقدر عليه تواضعا لله تعالى وابتغاء لوجهه كان حقا على الله أن يدخر له من عبقري الجنة في تخات الياقوت وأوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه : قل لأوليائي لا يلبسوا ملابس أعدائي ولا يدخلوا مداخل أعدائي فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي .
ونظر رافع بن خديج إلى بشر بن مروان على منبر الكوفة وهو يعظ فقال انظروا إلى أميركم يعظ الناس وعليه ثياب الفساق وكان عليه ثياب رقاق وجاء عبد الله بن عامر بن ربيعة إلى أبي ذر في بزته فجعل يتكلم في الزهد فوضع أبي ذر راحته على فيه وجعل يضرط به فغضب ابن عامر فشكاه إلى عمر فقال أنت صنعت بنفسك تتكلم في الزهد بين يديه بهذه البزة وقال علي كرم الله . وجهه : إن الله تعالى أخذ على أئمة الهدى أن يكونوا في مثل أدنى أحوال الناس ليقتدي بهم الغني ولا يزري بالفقير فقره ولما عوتب في خشونة لباسه قال : هو أقرب إلى التواضع وأجدر أن يقتدي به المسلم .
ونهى صلى الله عليه وسلم : عن التنعم وقال : إن لله تعالى عبادا ليسوا بالمتنعمين ورئي فضالة بن عبيد وهو والي مصر أشعث حافيا فقيل له أنت الأمير وتفعل هذا ؟ فقال نهانا رسول الله : صلى الله عليه وسلم : عن الإرفاء وأمرنا أن نحتفي أحيانا .
وقال علي لعمر رضي الله عنهما : إن أردت أن تلحق بصاحبيك فارفع القميص ونكس الإزار واخصف النعل وكل دون الشبع .
وقال عمر : اخشوشنوا وإياكم وزي العجم كسرى وقيصر وقال علي كرم الله وجهه : من تزيا بزي قوم فهو منهم .
وقال رسول الله : صلى الله عليه وسلم : إن من شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم يطلبون ألوان الطعام وألوان الثياب ويتشدقون في الكلام وقال : صلى الله عليه وسلم إزرة : المؤمن إلى أنصاف ساقيه ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ، وما أسفل من ذلك ففي النار ولا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا وقال أبو سليمان الداراني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يلبس الشعر من أمتي إلا مراء أو أحمق وقال الأوزاعي لباس الصوف في السفر سنة وفي الحضر بدعة ودخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم وعليه جبة صوف فقال له قتيبة ما دعاك إلى مدرعة الصوف فسكت فقال أكلمك ولا تجيبني فقال : أكره أن أقول زهدا فأزكي نفسي أو فقرا فأشكو ربي .
وقال أبو سليمان لما اتخذ الله إبراهيم خليلا أوحى إليه : أن وار عورتك من الأرض وكان لا يتخذ من كل شيء إلا واحدا سوى السراويل فإنه كان يتخذ سراويلين فإذا غسل أحدهما لبس الآخر حتى لا يأتي عليه حال إلا وعورته مستورة ، وقيل : لسلمان الفارسي رضي الله: ما لك لا تلبس الجيد من الثياب فقال وما : للعبد والثوب الحسن فإذا عتق فله والله ثياب لا تبلى أبدا ويروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان له جبة شعر وكساء يلبسهما من الليل إذا قام يصلي .
وقال الحسن لفرقد السبخي تحسب أن لك فضلا على الناس بكسائك ، بلغني أن أكثر أصحاب النار أصحاب الأكسية نفاقا وقال يحيى بن معين أرأيت أبا معاوية الأسود وهو يلتقط الخرق من المزابل ويغسلها ويلفقها ويلبسها فقلت إنك تكسى خيرا من هذا فقال : ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا جبر الله لهم بالجنة كل مصيبة فجعل يحيى بن معين يحدث بها ويبكي .


