الباب الرابع عشر في بعثه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس بن أسعد الجهني القضاعي الأنصاري السلمي ،  بفتحتين حليف بني سلمة .  من الأنصار ،  رضي الله تعالى عنه إلى سفيان بن خالد [بن نبيح]   بعرنة  
روى  أبو داود  بإسناد حسن ،  والبيهقي   وأبو نعيم  عن عبد الله بن أنيس  رضي الله تعالى عنه ، ومحمد بن عمر  عن شيوخه ،  والبيهقي   وأبو نعيم  عن  موسى بن عقبة  عن  ابن شهاب ،  وعن  عروة  قال شيوخ محمد بن عمر   : خرج عبد الله بن أنيس  من المدينة  يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا- واللفظ لمحمد بن عمر   - «بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي ثم اللحياني ،  وكان ينزل عرنة  وما والاها في أناس من قومه ، وغيرهم يريد أن يجمع الجموع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضوى إليه بشر كثير من أفناء الناس» . 
قال عبد الله بن أنيس  رضي الله تعالى عنه : «دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إنه بلغني أن سفيان بن خالد بن نبيح  يجمع لي الناس ليغزوني وهو بنخلة  أو بعرنة  فأته فاقتله» . فقلت : يا رسول الله صفه لي حتى أعرفه ، فقال : «آية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته هبته وفرقت منه ووجدت له قشعريرة وذكرت الشيطان» . قال عبد الله :  وكنت لا أهاب الرجال ، فقلت : يا رسول الله ، ما فرقت من شيء قط . فقال : «بلى؛ آية ما بينك وبينه ذلك أن تجد له قشعريرة إذا رأيته» . قال : واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول . فقال : «قل ما بدا لك» . وقال : «انتسب لخزاعة»   . فأخذت سيفي ولم أزد عليه ، وخرجت أعتزي لخزاعة  حتى إذا كنت ببطن عرنة  لقيته يمشي ووراءه الأحابيش . فلما رأيته هبته وعرفته بالنعت الذي نعت لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : صدق الله ورسوله ، وقد دخل وقت العصر حين رأيته ، فصليت وأنا أمشي أومي برأسي إيماء . فلما دنوت منه قال : «من الرجل ؟ » . 
فقلت : «رجل من خزاعة ،  سمعت بجمعك لمحمد؛  فجئتك لأكون معك عليه» . قال : 
«أجل إني لفي الجمع له» . فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثي وأنشدته وقلت : «عجبا لما أحدث محمد  من هذا الدين المحدث ، فارق الآباء وسفه أحلامهم» . قال : «لم ألق أحدا يشبهني ولا يحسن قتاله» . وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض . حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه ، وهم يطيفون به . فقال : «هلم يا أخا خزاعة»؛  فدنوت منه . فقال : 
«اجلس» فجلست معه ، حتى إذا هدأ الناس ونام اغتررته . 
وفي أكثر الروايات أنه قال : «فمشيت  [ ص: 37 ] معه حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف فقتلته وأخذت رأسه . ثم أقبلت فصعدت جبلا . 
فدخلت غارا وأقبل الطلب من الخيل والرجال تمعج في كل وجه وأنا مكتمن في الغار ، وضربت العنكبوت على الغار . 
وأقبل رجل معه إداوته ونعله في يده وكنت خائفا . فوضع إداوته ونعله وجلس يبول قريبا من فم الغار ، ثم قال لأصحابه : ليس في الغار أحد ، فانصرفوا راجعين ، وخرجت إلى الإداوة فشربت ما فيها وأخذت النعلين فلبستهما . فكنت أسير الليل وأكمن النهار حتى جئت المدينة   . 
فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فلما رآني قال : «أفلح الوجه» . فقلت : وأفلح وجهك يا رسول الله» . فوضعت الرأس بين يديه وأخبرته خبري ، فدفع إلي عصا وقال : «تخصر بها في الجنة؛ فإن المتخصرين في الجنة قليل» . 
فكانت العصا عند عبد الله بن أنيس  حتى إذا حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوا العصا في أكفانه . ففعلوا ذلك . قال ابن عقبة   : فيزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بقتل عبد الله بن أنيس ،  سفيان بن خالد ،  قبل قدوم عبد الله بن أنيس  رضي الله تعالى عنه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					