الباب الثاني والتسعون في وفود النخع  إليه صلى الله عليه وسلم  
روى ابن سعد  عن أشياخ من النخع  قالوا : بعثت النخع  رجلين منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وافدين بإسلامهم : أرطأة بن شراحيل بن كعب بن بني حارثة بن سعد بن مالك بن النخع  ، والجهيش واسمه الأرقم من بني بكر بن عوف بن النخع   . فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض عليهما الإسلام فقبلاه وبايعاه على قومهما ، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنهما وحسن هيئتهما ، فقال : «هل خلفتما وراءكما قومكما مثلكما ؟ » فقالا : يا رسول الله ، قد خلفنا وراءنا من قومنا سبعين رجلا كلهم أفضل منا ، وكلهم يقطع الأمر وينفذ الأشياء ما يشاركوننا في الأمر إذا كان . 
فدعا لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقومهما بخير وقال : «اللهم بارك في النخع  » . 
وعقد لأرطأة  لواء على قومه ، فكان في يده يوم الفتح ، وشهد به القادسية  ، فقتل يومئذ فأخذه أخوه دريد  فقتل رحمهما الله فأخذه سيف بن الحارث من بني جذيمة  فدخل به الكوفة   . 
وعن  عبد الله بن مسعود  رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع  ، أو قال : يثني عليهم ، حتى تمنيت أني رجل منهم  . رواه  الإمام أحمد  برجال ثقات ،  والبزار   والطبراني   . 
قصة أخرى : قال محمد بن عمر الأسلمي   : كان آخر من قدم من الوفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد النخع  ، وقدموا من اليمن  للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة ، وهم مائتا رجل ، فنزلوا دار رملة بنت الحدث  ثم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بالإسلام ، وقد كانوا بايعوا  معاذ بن جبل  باليمن  ، فكان فيهم زرارة بن عمرو   . قال : أخبرنا هشام بن محمد  هو زرارة بن قيس ابن الحارث بن عدي  ، وكان نصرانيا . 
وروى  ابن شاهين  من طريق أبي الحسن المدائني  عن شيوخه ، ومن طريق  ابن الكلبي  قال : حدثني رجل من جرم  عن رجل منهم قال : وفد رجل من النخع  يقال له زرارة بن عمرو  على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني رأيت في سفري هذا رؤيا هالتني ، وفي رواية : رأيت عجبا . قال : «وما رأيت ؟ » قال : رأيت أتانا تركتها في الحي كأنها ولدت جديا أسفع أحوى . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هل لك من أمة تركتها مصرة حملا ؟ » قال : نعم تركت أمة لي أظنها قد حملت قال : «فإنها قد ولدت غلاما وهو ابنك» . فقال : يا رسول الله ، ما باله أسفع أحوى ؟ قال : «ادن مني» فدنا منه . فقال : «هل بك برص تكتمه ؟ » قال : والذي بعثك بالحق نبيا  [ ص: 424 ] ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك . قال : «فهو ذلك» . قال : يا رسول الله ، ورأيت النعمان بن المنذر  وعليه قرطان ودملجان ومسكتان . قال : «ذلك ملك العرب عاد إلى أحسن زيه وبهجته» . قال : يا رسول الله ، ورأيت عجوزا شمطاء خرجت من الأرض قال : «تلك بقية الدنيا» . قال : ورأيت نارا خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو  ، ورأيتها تقول : لظى لظى ، بصير وأعمى ، أطعموني آكلكم آكلكم أهلككم ومالكم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «تلك فتنة في آخر الزمان» . قال : وما الفتنة يا رسول الله ؟ قال : «يقتل الناس إمامهم ثم يشتجرون اشتجار أطباق الرأس وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه- يحسب المسيء أنه محسن ودم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء ، إن مات ابنك أدركت الفتنة وإن مت أنت أدركها ابنك» . فقال : يا رسول الله ، ادع الله ألا أدركها . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم لا يدركها» . فمات وبقي ابنه ، وكان ممن خلع  عثمان  رضي الله تعالى عنه  . 
تنبيه : في بيان غريب ما سبق : 
النخع   : بفتح النون والخاء المعجمة وبالعين المهملة . 
أرطاة   : بهمزة مفتوحة فراء ساكنة فطاء مهملة فألف فتاء تأنيث . 
الأتان : بفتح الهمزة ففوقية فألف فنون : الأنثى من الحمر . 
المسكة : بفتح الميم والسين المهملة والكاف فتاء تأنيث : السوار والخلاخيل من الذبل وهي قرون الأوعال قاله  ابن سيده   .  [ ص: 425 ] 
				
						
						
