[ ص: 144 ] 
جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في الاستئذان والسلام والمصافحة والمعانقة والتقبيل- زاده الله شرفا وفضلا لديه 
الباب الأول في آدابه في الاستئذان 
وفيه أنواع : 
الأول : في أنه لم يكن يستقبل الباب بوجهه :  
روى  الإمام أحمد   وأبو داود   والبخاري  في الأدب عن عبد الله بن بسر المازني  رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم يمشي مع الجدار ، ولم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول : «السلام عليكم» ، فإن أذن له وإلا انصرف ، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور . 
الثاني : في تعليمه من لا يحسن الاستئذان ، وكراهته قول المستأذن أنا فقط .  
وروى  الإمام أحمد   وأبو داود  عن زيد بن حراش  قال : جاء رجل من بني عامر  فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في البيت فقال : أألج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخادمه : «اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ، فقل له : قل السلام عليكم أأدخل ؟ » فسمع الرجل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم أأدخل ؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل  . 
وروى  الإمام أحمد  والشيخان  وأبو داود   والترمذي   وابن ماجه  عن  جابر  رضي الله تعالى عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر دين كان على أبي ، فدفعت الباب فقال : «من ذا ؟ » فقلت : أنا ، فخرج وهو يقول : «أنا أنا» كأنه يكرهه  . 
وروى  الترمذي-  وحسنه-  والنسائي  عن كلدة بن حنبل  أن  صفوان بن أمية  بعثه في الفتح بلبن وجذابة وضعابيس ، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي ، قال : فدخلت ولم أستأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ارجع فقل السلام عليكم أأدخل ؟ »  . 
الثالث : في إرادته صلى الله عليه وسلم فقأ عين من اطلع من خصاصة الباب من غير استئذان .  
روى  البخاري  في الأدب عن  أنس بن مالك  رضي الله تعالى عنه أن أعرابيا أتى بيت  [ ص: 145 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتح من خصاصة الباب ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما أو عودا محددا فتوخى الأعرابي ليفقأ عين الأعرابي ، فذهب فقال : «أما إنك لو ثبت لفقأت عينك»  . 
وروى  البخاري  في الأدب عن  سهل بن سعد  رضي الله تعالى عنه أن رجلا اطلع من جحر في باب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك» ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنما جعل الاستئذان من أجل البصر» . 
الرابع : في كيفية استئذانه .  
روي عن  قيس بن سعد بن عبادة  رضي الله تعالى عنهما قال : زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا فقال : «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» ، فرد سعد ردا خفيا قال : فقلت : ألا تأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذره يكثر علينا من السلام ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قضينا ما علينا»  . 
الخامس : في رجوعه إذا استأذن ثلاثا فلم يؤذن له .  
روى  ابن أبي شيبة   والإمام أحمد  عن أم طارق مولاة سعد  رضي الله تعالى عنه قالت : جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد  فاستأذن فسكت سعد ،  ثم أعاد فسكت سعد ، ثم أعاد فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فأرسلني سعد إليه وقال إنه لم يمنعنا أن نأذن لك إلا أردنا أن تزيد الحديث . 
السادس : في قوله صلى الله عليه وسلم لبيك لمن استأذن عليه .  
وروى  أبو يعلى  عن  ابن عمر  رضي الله تعالى عنهما أن رجلا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، كل ذلك يرد عليه : «لبيك لبيك»  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					