الباب السابع في ديكته صلى الله عليه وسلم 
وفيه أنواع : 
الديك : بكسر جمعه ديوك ، وأدياك ، وديكة كقردة ، وقد يطلق على الدجاجة . 
الأول : في نهيه صلى الله عليه وسلم عن سب الديك   . 
روى الإمام  أحمد  ،  وأبو داود  ،  وابن ماجه  بسند جيد عن زيد بن خالد الجهمي  رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسبوا الديك ، فإنه يوقظ للصلاة » . 
وروى  أبو الشيخ  عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما أن ديكا خرج عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسبه رجل ، فلعنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تلعنه ، ولا تسبه ، فإنه يدعو إلى الصلاة » . 
وروى الطيالسي  برجال ثقات عن أبي قتادة  رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسبوا الديك ، فإنه يدعو إلى الصلاة » . 
وروى عن  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا الديك ، فإنه يوقظ للصلاة » . 
الثاني : في أمره صلى الله عليه وسلم بالدعاء عند صياح الديك   . 
روى الشيخان ، والثلاثة عن  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سمعتم صياح الديك فاسألوا الله تعالى من فضله ، فإنها رأت ملكا » . 
الثالث : في أمره صلى الله عليه وسلم باتخاذ الديك   . 
وروى  البيهقي  عن  جابر  رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باتخاذ الديك الأبيض ، فإن دارا فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان ، ولا ساحر ، ولا الدويرات حولها  . 
وروى  البيهقي  عن  عبد الله بن عمر  رضي الله تعالى عنهما قال : الديك يؤذن للصلاة ، من اتخذ ديكا أبيض حفظه الله تعالى من ثلاثة : من شر كل شيطان ، وساحر وكاهن  . أسانيد هذه الأحاديث ضعيفة . 
الرابع : في سبب صياح ديكة الأرض   . 
روى  ابن عدي  ،  والبيهقي  في الشعب من طريق ابن أبي علي المهلبي   - وهو متروك - عن  جابر  رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن لله تعالى ديكا عنقه منطوية تحت العرش ، ورجلاه تحت التخوم ، فإذا كانت هدأة من الليل صاح سبوح قدوس فصاحت الديكة » . 
 [ ص: 415 ] وروى  ابن عدي   - من طريق يحيى بن رهم بن الحارث الغفاري   - قال  ابن حبان   : روى عن أبيه نسخة موضوعة لا يحل كتابتها إلا على جهة التعجب - وقال  ابن عدي   : أرجو أنه لا بأس به ، وقال أبو حاتم   : أرجو أن يكون صدوقا ، وقال الحافظ في حديث أعله به الذهبي : لعل الآفة من غيره - عن العرس بن عميرة  رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن لله تعالى ديكا براثنه في الأرض السفلى ، وعرفه تحت العرش ، يصرخ عند مواقيت الصلاة ، ويصرخ له ديك السماوات سماء سماء ، ثم يصرخ بصراخ ديك السماوات ديكة الأرض ، سبوح سبوح قدوس رب الملائكة والروح  . 
وروى  أبو الشيخ  في كتاب العظمة ، بسند جيد قوي عن  عائشة  رضي الله تعالى عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن لله عز وجل ديكا ، رجلاه تحت سبع أرضين ، ورأسه قد جاوز سبع سموات ، يسمع في أوان الصلوات ، فلا يبقى ديك من ديكة الأرض إلا أجابه » . 
وروى  الطبراني   وأبو داود   وأبو الشيخ  في العظمة ،  وأبو نعيم  في تاريخه عن  ابن عمر  رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن لله تعالى ديكا أبيض ، جناحاه مشوبان بالزبرجد ، واللؤلؤ ، جناح له بالمشرق ، وجناح له بالمغرب ، ورأسه تحت العرش ، وقوائمه في الهواء » ، وفي لفظ « في الأرض السفلى ، يؤذن في كل سحر » ، ولفظ أبي الشيخ  « فإذا كان في السحر الأعلى خفق بجناحيه ، ثم قال سبوح قدوس ، ربنا الذي لا إله غيره ، فيسمع تلك الصيحة أهل السماوات وأهل الأرض إلا الثقلين الإنس والجن ، فعند ذلك تجيبه ديوك الأرض ، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : ضم جناحيك واخفض صوتك ، فيعلم أهل السماوات وأهل الأرض أن القيامة قد اقتربت » . 
وروى  أبو الشيخ  في العظمة عن أبي راشد الحبراني  قال : إن لله عز وجل ديكا - الحديث ، فذكر من عظمة خلقه أمرا عظيما ، سبح الله تعالى ، يقول : سبحان الملك القدوس ، الملك الديان ، فإذا انتفض صرخت الديوك في الأرض . 
وروى  أبو الشيخ  ،  والطبراني  ، برجال الصحيح ،  والحاكم   - وصححه - عن  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض ، ورأسه مثبتة تحت العرش ، وهو يقول : سبحانك ، ما أعظمك ربنا ، فيرد عليه ما يعلم ذلك من حلف كاذبا » . 
وروى  أبو الشيخ   - من طريق أيوب بن سويد   - ضعفه  أحمد  وجماعة ، وتركه  النسائي  ، وقال أبو حاتم   : لين الحديث ، وقال الحافظ في التقريب : صدوق يخطئ ، وبقية رجاله ثقات - عن  ثوبان  رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لله عز وجل ديكا براثنه في  [ ص: 416 ] الأرض السفلى ، وعنقه مثنى تحت العرش ، وجناحاه في الهواء يخفق بهما سحرا ويقول : القدوس ربنا الرحمن ، لا إله غيره » . 
وروى أيضا من طريق رشدين بن سعد   - قال الحافظ ضعيف ، قال ابن يونس   : كان صالحا في دينه ، فأدركته غفلة الصالحين ، فخلط في الحديث - عن  ابن عمر  رضي الله تعالى عنه أن لله ديكا جناحاه مشوبان بالزبرجد ، واللؤلؤ ، والياقوت ، جناح له بالمشرق ، وجناح له بالمغرب ، وقوائمه في الأرض السفلى ، ورأسه منثنية تحت العرش - لا إله غيره - فإذا كان في السحر الأعلى خفق بجناحيه ، ثم قال سبوح قدوس ، ربنا الذي لا إله غيره فعند ذلك تضرب الديكة بأجناحها وتصيح ، فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : ضم جناحك ، وغض صوتك ، فيعلم أهل السماوات والأرض أن الساعة قد اقتربت  . 
وروى أيضا  الطبراني  في الأوسط عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن مما خلق الله تعالى ديكا براثنه في الأرض السابعة وعرفه منطو ، تحت العرش ، قد أحاط جناحاه بالأفقين ، فإذا بقي ثلث الليل الآخر ضرب بجناحيه ، ثم قال : سبوح ، سبحوا الملك القدوس ، سبحوا ربنا الملك القدوس ، سبحان ربنا الملك القدوس ، لا إله لنا غيره ، فيسمعها من بين الخافقين إلا الثقلين ، فيرون أن الديكة إنما تضرب بأجنحتها ، وتصرخ إذا سمعت ذلك » ، قال شيخنا رحمه الله تعالى : في هذا الطريق أنه حسن صحيح ، إذا علم ذلك تبين أن قول من قال : إن هذا الحديث موضوع ليس بصحيح ، وقد بسطت الكلام على ذلك في كتاب الفوائد المجموعة ، في بيان الأحاديث الموضوعة ، أعان الله تعالى على إكماله وتحريره . 
الخامس : في محبته صلى الله عليه وسلم الديك   . 
روى الحارث بن أبي أسامة عن  عائشة  ، والحارث العقيلي عن  أنس بن مالك  ،  وابن حبان  في الضعفاء عن  ابن عمر  وأبو بكر البرقي عن أبي زيد الأنصاري ،  وأبو الشيخ  عن  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الديك الأبيض الأفرق صديقي ، وصديق صديقي ، وعدو عدوي » ، زاد أبو زيد الأنصاري   : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيته معه في بيته - هذه الطرق كلها ضعيفة ، وإذا ضم بعضها إلى بعض أفاد قوة ، ولم يوافق  ابن الجوزي  على وضعه كما بينت ذلك في الفوائد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					