الباب التاسع في بعض مناقب السيدة  فاطمة بنت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  
وفيه أنواع : 
الأول : في مولدها -عليها السلام- واسمها وكيفيتها  
نقل أبو عمرو  عن عبيد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي ،  قال : ولدت فاطمة   -رضي الله تعالى عنها- سنة إحدى وأربعين من مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا مغاير لما ذكره  ابن إسحاق  وغيره أن أولاد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولدوا قبل النبوة إلا إبراهيم   -عليه السلام- وقال  ابن الجوزي  وغيره : ولدت قبل النبوة بخمس سنين أيام بناء البيت .  
ونقل أبو عمرو  عن  الواقدي   "أنها ولدت والكعبة  تبنى ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ابن خمس وثلاثين سنة ، وبه جزم المدائني ،  وقيل : كان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر ، وهي أسن من  عائشة  بنحو خمس سنين ، وانقطع نسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أوائل المحرم سنة اثنين بعد  عائشة  بأربعة أشهر ، وكانت تكنى أم أبيها - بكسر الموحدة بعدها مثناة تحتية- ومن قال غير ذلك فقد صحف . انتهى . 
الثاني : ما جاء في مهرها ، وكيف تزوجها ، ووليمة عرسها ، وما جهزت به -رضي الله تعالى عنها-  
تزوجها  علي   -رضي الله تعالى عنه- وهي ابنة خمس عشرة سنة وخمسة أشهر أو ستة ونصف من السنة الثانية من الهجرة في رمضان ، وبنى بها في ذي الحجة ، وقيل : تزوجها في رجب ، وقيل : في صفر ، وسنها -رضي الله تعالى عنها- يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت رضي الله تعالى عنهما . 
قال جعفر بن محمد :  تزوج  علي  فاطمة   -رضي الله تعالى عنها- في شهر صفر في السنة الثانية ، وبنى بها في شهر ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا من الهجرة . 
قال  أبو عمر :  وبعد وقعة بدر .  
وقال غيره : بعد بنائه  بعائشة   -رضي الله تعالى عنها- بأربعة أشهر ونصف شهر ، وبنى بها بعد تزويجها بسبعة أشهر . 
وروى  الحاكم   والبيهقي ،   وابن إسحاق  عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- قال : قالت لي مولاة لي : هل علمت ( . . . . ) . 
وروى  مسدد  عن رجل سمع  عليا   -رضي الله تعالى عنه- بالكوفة  يقول : أردت أن أخطب فاطمة  إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت أن لا شيء لي ، ثم ذكرت عائدته وصلته  [ ص: 38 ] فخطبتها ، فقال : أرني درعك الحطمية التي أعطيتكها يوم كذا وكذا ، قال : هي عندي ، قال : فأعطها إياه ، ثم قال : لا تحدث شيئا حتى آتيكما ، فأتاني وعلينا قطيفة أو كساء ، فلما رآنا تحسسنا ، فدعا ، فأتياه بإناء فدعا فيه ، ثم دسه علينا ، فقلت : يا رسول الله أينا أحب إليك ؟ قال : هي أحب إلي منك ، وأنت أعز علي منها . 
وروى  الطبراني  عن حجر بن عنبس   -رحمه الله تعالى- قال : خطب  أبو بكر   وعمر  فاطمة   -رضي الله تعالى عنهما- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "هي لك يا  علي" .  
ورواه  البزار  ورجالهما ثقات ، وحجر  لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- وزاد "ولست بدجال" وقوله -صلى الله عليه وسلم- "ولست بدجال" : يدل على أنه قد كان وعده فقال : لا أخلف الوعد . 
وروى  الطبراني  برجال ثقات عن  عبد الله بن مسعود   -رضي الله تعالى عنه- قال : كنت قاعدا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : "إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة  من  علي" .  
وروى  البيهقي   والخطيب   وابن عساكر  عن  أنس   -رضي الله تعالى عنه- قال : كنت قاعدا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغشيه الوحي ، فلما سري عنه قال : "يا  أنس ،  أتدري ما جاءني به جبريل  من عند صاحب العرش" قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : "إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة  من  علي" .  
وروى إسحاق  بسند ضعيف عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- أنه لما تزوج فاطمة  قال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "اجعل عامة الصداق في الطيب" . 
وروى  أبو يعلى  بسند ضعيف عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- قال : خطبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنته فاطمة  فباع  علي  درعا له ، وبعض متاع من متاعه ، فبلغ أربعمائة وثمانين درهما ، وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل ثلثيه في الطيب ، وثلثا في الثياب ، ومج في جرة من ماء ، وأمرهم أن يغتسلوا به ، قال : وأمرها أن لا تسبقه برضاع ولدها فسبقته برضاع  الحسين ،  وأما الحسن  فإنه -صلى الله عليه وسلم- صنع فيه شيئا لا يدرى (ما هو ، فكان أعلم الرجلين) . 
وروى ابن أبي خيثمة  وابن سعد  عن علباء بن أحمر اليشكري   -رحمه الله تعالى- أن  عليا   -رضي الله تعالى عنه- تزوج فاطمة  على أربعمائة وثمانين ، فأمره النبي أن يجعل ثلثين في الطيب وثلثا في الثياب . 
وروى ابن سعد  عنه أن  عليا  باع بعيرا له بثمانين وأربعمائة درهم ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "اجعلوا ثلثيه في الطيب وثلثا في الثياب" . 
 [ ص: 39 ] روى  الطبراني  وابن أبي خيثمة   وابن حبان  في صحيحه من طريق يحيى بن يعلى الأسلمي ،   والبزار  من طريق محمد بن ثابت بن أسلم ،  وهما ضعيفان عن  أنس بن مالك ،  وابن أبي خيثمة   والطبراني  عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- قال ابن ثابت :  إن  عمر بن الخطاب   -رضي الله تعالى عنه- أتى  أبا بكر   -رضي الله تعالى عنه- قال : ما يمنعك أن تتزوج  فاطمة بنت رسول الله   -صلى الله عليه وسلم- قال : لا يزوجني ، قال : إذا لم يزوجك فمن يزوج؛ إنك من أكرم الناس عليه ، وأقدمهم في الإسلام ، قال : فانطلق  أبو بكر  إلى بيت  عائشة ،  فقال : يا  عائشة ،  إذا رأيت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طيب نفس وإقبالا عليك فاذكري له أني ذكرت فاطمة ،  فلعل الله عز وجل أن ييسرها إلي ، قال : فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأت منه طيب نفس وإقبالا ، فقالت : يا رسول الله إن  أبا بكر  ذكر فاطمة ،  وأمرني أن أذكرها ، فقال : حتى ينزل القضاء ، فرجع إليها  أبو بكر ،  فقالت : يا أبتاه ، وددت أني لم أذكر له الذي ذكرت . 
وقال يحيى :  إن  أبا بكر   -رضي الله تعالى عنه- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله قد عرفت مني صحبتي ، وقدمي في الإسلام ، قال : وما ذاك ؟ قال : تزوجني فاطمة ، فسكت عنه ساعة أو قال : فأعرض عنه ، فرجع أبو بكر إلى عمر ، فقال : هلكت ، وأهلكت ، قال : وما ذاك ؟ قال خطبت فاطمة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعرض عني ، وقال ابن ثابت :  فانطلق  عمر  إلى  حفصة ،  وقال لها : إذا رأيت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إقبالا عليك فاذكري له أني ذكرت فاطمة؛  لعل الله أن ييسرها إلي ، فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت  حفصة :  ووجدت منه إقبالا وطيب نفس ، فذكرت له فاطمة   -رضي الله تعالى عنها- فقال : حتى ينزل القضاء ، قال ابن ثابت :  فأتى  عمر   -رضي الله تعالى عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقعد بين يديه ، فقال : يا رسول الله ، قد علمت مني صحبتي وقدمي في الإسلام ، وإني وإني ، قال : "وماذا ؟ " قال : تزوجني فاطمة ،  فأعرض عنه ، فرجع  عمر  إلى  أبي بكر ،  فقال : إنه ينتظر أمر الله فيها ، فانطلق  عمر  إلى  علي   . 
قال يحيى :  إن  أبا بكر   وعمر  قالا : انطلق بنا إلى  علي  حتى نأمره أن يطلب مثل الذي طلبنا ، قال  علي :  فأتياني وأنا في سبيل ، فقالا : بنت عمك تخطب فنبهاني لأمر ، فقمت أجر ردائي ، طرف على عاتقي ، والطرف الآخر في الأرض ، حتى أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . 
وقال ابن ثابت :  ولم يكن  لعلي  مثل  عائشة  ولا مثل  حفصة ،  فلقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : إني أريد أن أتزوج فاطمة ،  قال فافعل ، قال : ما عندي إلا درعي الحطمية  . . . الحديث . 
وفي حديث  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- عند  الطبراني  من طريق يحيى بن العلاء ،  قال : كانت فاطمة  تذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يذكرها أحد إلا صد عنه ، حتى يئسوا منها ، فلقي  سعد بن معاذ   -رضي الله تعالى عنه-  عليا  فقال : إني والله ما أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبها إلا عليك ، فقال له  علي   -رضي الله تعالى عنه- : هل ترى ذلك ، ما أنا  [ ص: 40 ] بأحد الرجلين ، ما أنا بصاحب دنيا يلتمس ما عندي ، وقد علم ما لي بيضاء ولا صفراء . 
وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه -يعني يتألفه بها؛ إني لأول من أسلم ، فقال سعد :  إني أعزم عليك لتفرجنها عني ، فإن لي في ذلك فرجا ، قال : أقول ماذا ؟ قال : جئت خاطبا إلى الله وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-  فاطمة بنت محمد   -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- مرحبا ، كلمة ضعيفة ، ثم رجع إلى سعد ،  فقال : قد فعلت الذي أمرتني به ، فلم يزد على أنه رحب بي كلمة ضعيفة ، فقال سعد :  أنكحك والذي بعثه بالحق ، إنه لا خلف ولا كذب عنده ، أعزم عليك لتأتينه فلتقولن : يا نبي الله متى تبنيني ؟ فقال  علي :  هذه أشد علي من الأولى ، أولا أقول : يا رسول الله! حاجتي ؟ قال : قل كما أمرتك ، فانطلق  علي  فقال : يا رسول الله ، متى تبنيني ؟ قال : "الليلة إن شاء الله"  . . الحديث . 
وفي حديث بريرة  عند  النسائي  في عمل اليوم والليلة والروياني في مسنده ، وعند  البزار   والطبراني  برجال ثقات ، غالبهم رجال الصحيح ،  والدولابي :  أن نفرا من الأنصار  قالوا  لعلي   -رضي الله تعالى عنه- : لو خطب  فاطمة بنت رسول الله   -صلى الله عليه وسلم- فأبى . 
وفي لفظ : لو كانت عندك فاطمة ،  فدخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : ما حاجة ابن أبي طالب ؟  فقال : يا رسول الله ، ذكرت بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "مرحبا وأهلا" لم يزده عليهما فخرج على أولئك النفر من الأنصار  وهم ينتظرونه فقالوا له : ما وراءك ؟ قال : ما أدري ، غير أنه قال لي : مرحبا وأهلا ، قالوا : يكفيك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحداهما ، أعطاك الأهل والمرحب . 
وفي حديث  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- فقال سعد :  أنكحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والذي بعثه بالحق؛ إنه لا خلف ولا كذب عنده ، أعزم عليك لتأتينه غدا ، فتقول يا نبي الله متى تبنيني بأهلي ؟ فقال  علي :  هذه أشد علي من الأولى ، أولا أقول : يا رسول الله! حاجتي ، قال : قل كما أمرتك ، فانطلق  علي ،  فقال : يا رسول الله ، متى تبنيني بأهلي ؟ قال : "الليلة إن شاء الله تعالى" قال : فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "ما عندك يا  علي"  فقلت : يا رسول الله ، فرسي وبدني ، يعني درعي الحطمية ، قال : "أما فرسك لا بد لك منه ، وأما بدنك فبعها" فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما ، فأتيت بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوضعتها في حجره ، فقبض منها قبضة ، فقال : "يا  بلال"  ابغني بها طيبا ، وقال ابن ثابت :  فقبض ثلاث قبضات ، فرفعها إلى  أم أيمن  فقال : اجعلي منها قبضة في الطيب . 
أحسبه قال الباقي فيما يصلح المرأة ، وزوجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما فرغت من الجهاز ، وأدخلتهم بيتا . 
 [ ص: 41 ] وفي حديث بريدة :  فلما كان بعدما زوجه قال : "يا  علي ،  إنه لا بد للعروس من وليمة" . 
فقال سعد :  عندي كبش . 
وجمع له رهط من الأنصار  من ذرة . 
ورواه الإمام  أحمد  برجال الصحيح غير عبد الكريم بن سليط  وهو مستور ، بلفظ ، وقال : على فلان كذا وكذا من ذرة . 
وفي حديث يحيى :  وأمرهم أن يجهزوها ، فجعل لها سريرا مشرطا بالشريط ، ووسادة من أدم حشوها ليف ، وملأ البيت كثيبا ، يعني رملا ، وقال : إذا أتتك ، فلا تحدث شيئا حتى آتيك ، فجاءت مع  أم أيمن ،  فقعدت في جانب البيت ، وأنا في جانب . 
وروى الإمام  أحمد  بسند جيد عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما زوجه فاطمة  بعث معها بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ، وثور وسقاء وجرتين . 
وروى  الدولابي  عن  أسماء بنت عميس   -رضي الله تعالى عنها- قالت : لقد جهزت  فاطمة بنت رسول الله   -صلى الله عليه وسلم- إلى  علي   -رضي الله تعالى عنهما- وما كان حشو فرشهما ووسادتهما إلا ليف . 
وروى الإمام  أحمد  في المناقب عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- قال : جهز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاطمة  في خميلة وقربة ووسادة من أدم حشوها ليف . 
وروى  البلاذري  عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- قال : ما كان لنا إلا إهاب كبش ننام على ناحية منه ، وتعجن فاطمة  على ناحية . 
وروى  ابن حبان  عن  أنس   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبض من المهر قبضة ، وقال  لبلال :  اشتر لنا بها طيبا ، وأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجهزوها فجعل سريرا مشرطا بشرائط ، ووسادة من أدم حشوها ليف . 
وروى أبو بكر بن فارس ،  عن  جابر   -رضي الله تعالى عنه- قال : كان فراش  علي   وفاطمة   -رضي الله تعالى عنهما- ليلة عرسهما إهاب كبش . 
وروى أيضا عن ضمرة بن حبيب   -رضي الله تعالى عنهما- قال قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنته السيدة فاطمة  بخدمة البيت ، وقضى على  علي  بما كان خارج البيت . 
وروى  مسدد  مرسلا عن ضمرة   -رضي الله تعالى عنه- قال : قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنته فاطمة   -رضي الله تعالى عنها- بخدمة البيت ، وقضى على  علي   -رضي الله تعالى عنه- بما كان خارج البيت . 
وروى  أحمد بن منيع  بسند ضعيف عن  أسماء بنت عميس  رضي الله تعالى عنها  [ ص: 42 ] قالت : تزوجت  فاطمة بنت رسول الله   -صلى الله عليه وسلم- على درع منشفة بمغفرة ، ونصف قطيفة بيضاء ، وقدح ، وإن كانت تستر بكم درعها ، وما لها خمار ، وقالت : أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آصعا من تمر ومن شعير ، فقال : "إذا دخلن عليك نساء الأنصار  فأطعميهن منه" . 
وروى  الطبراني  من طريق مسلم بن خالد الزنجي  عن  جابر   -رضي الله تعالى عنه- قال : حضرنا عرس  علي بن أبي طالب   وفاطمة بنت رسول الله   -صلى الله عليه وسلم- فما رأينا عرسا كان أحسن منه ، حسا لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زبيبا وتمرا ، فأكلنا منه ، وكان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش . 
ورواه  البزار ،  وزاد : وحشونا الفراش ، يعني : الليف . 
وروى عن  عبد الله بن عمرو   -رضي الله تعالى عنهما- قال : لما جهز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السيدة فاطمة  إلى  علي   -رضي الله تعالى عنهما- بعث معها بخميلة وهي القطيفة ووسادة من أدم حشوها ليف وإذخر ، وقربتان ، وكانا يفترشان الخميل ، ويلتحفان بنصفه . انتهى . 
وروى من طريق عوف بن محمد ابن الحنفية  عن  أسماء بنت عميس   -رضي الله تعالى عنها- قالت : أهديت جدتك فاطمة  إلى جدك  علي   -رضي الله تعالى عنهما- فما كان حشو فراشهما ووسادتهما إلا ليفا ، ولقد أولم  علي  على فاطمة   -رضي الله تعالى عنهما- فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته ، ورهن درعه عند يهودي بشطر شعير . 
وروى  الدولابي  عن  أسماء بنت عميس   -رضي الله تعالى عنها- أنه أولم على فاطمة  وكانت وليمته آصعا من شعير وتمر . 
وفي حديث  ابن عباس  فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  بلالا  فقال : "يا  بلال ،  إني زوجت ابنتي ابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من سنة أمتي إطعام الطعام عند النكاح ، فخذ شاة وأربعة أمداد أو خمسة ، فاجعل لي قصعة ، وادع عليها المهاجرين  والأنصار ،  فإذا فرغت فائتني بها" . فانطلق ففعل ما أمره به ، ثم أتاه بالقصعة ، فوضعها بين يديه فطعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإصبعه في رأسها ، ثم قال : أدخل علي الناس زفة زفة ، ولا تغادرن إلى غيرها ، يعني إذا فرغت زفة فلا يعودن ثانية ، فجعل الناس يردون كلما فرغت زفة وردت أخرى ، حتى فرغ الناس ، ثم عمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ما فضل منها فتفل فيه وبارك . 
وقال : "يا  بلال ،  احملها إلى أمهاتك ، وقل لهن يأكلن منها ، ويطعمن من غشيهن" انتهى . ثم قال- صلى الله عليه وسلم- : "يا  علي ،  لا تحدثن إلى أهلك شيئا" . 
وفي حديث  أسماء بنت عميس   -رضي الله تعالى عنها- عند  الطبراني  برجال الصحيح قالت : لما أهديت السيدة فاطمة  إلى  علي بن أبي طالب   -رضي الله تعالى عنهما- لم نجد في  [ ص: 43 ] بيته إلا رملا مبسوطا ، ووسادة حشوها ليف وجرة وكوزا ، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا تحدثن حدثا" أو قال : "لا تقربن أهلك حتى آتيك" فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : "أثم أخي" فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- فسمى ، ثم قال فيه ما شاء الله أن يقول ، ثم مسح صدر  علي  ووجهه ، ثم دعا فاطمة   -رضي الله تعالى عنها- فقامت إليه تعثر في مرطها من الحياء ، فنضح من ذلك الماء ، ثم قال لها ما شاء الله أن يقول ، ثم قال لها : "أما إني لم آلك أن أنكحتك أحب أهلي إلي" . 
وفي حديث بريدة   -رضي الله تعالى عنه- فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بماء فتوضأ منه ، ثم أفرغه على  علي  فقال : "اللهم ، بارك فيهما ، وبارك لهما في أبنائهما" . 
وفي لفظ : "بارك لهما وبارك في شبلهما" . 
قال الحافظ ابن ناصر الدين  راوي الحديث : صوابه : بنسلهما . 
وأورده  الضياء المقدسي  في المختارة . 
وفي حديث أسماء ،  قالت أسماء :  ثم رأى سوادا من وراء الستر ، أو من وراء الباب ، فقال : من هذا ؟ قالت : أسماء ،  قالت : نعم يا رسول الله ، جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن الفتاة يبنى بها الليلة ولا بد لها من امرأة تكون قريبا منها ، إن عرضت لها حاجة أفضت بذلك إليها ، قالت : فدعا لي بدعاء ، إنه لأوثق عملي عندي ، ثم قال  لعلي :   "دونك أهلك" ، ثم خرج ، فولى ، فما زال يدعو لهما ، حتى توارى في حجره . 
وفي حديث  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على النساء فقال : إني قد زوجت ابنتي ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني ، وأنا دافعها إليه ، فدونكن ، فقمن النساء فغلفنها من طيبهن ، وألبسنها من ثيابهن ، وحلينها من حليهن ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فلما رأى النساء ذهبن ، وبين النبي صلى الله عليه وسلم ستر ، وتخلفت  أسماء بنت عميس   -رضي الله تعالى عنها- فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كما أنت ، على رسلك ، من أنت ؟ قالت : أنا التي أحرس ابنتك ، فإن الفتاة الليلة يبنى بها ، ولا بد من امرأة تكون قريبا منها ، إن عرضت لها حاجة ، أو أرادت شيئا أمضيت بذلك إليها ، ثم صرخ بفاطمة .  
وفي حديث يحيى  فقال  لفاطمة :   "ائتني بماء" فقامت إلى قعب في البيت ، فجعلت فيه ماء فأتته به ، فمج فيه ثم ، قال لها : قومي فنضح على رأسها وبين ثدييها ، وقال : "اللهم ، إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" ، ثم قال : "ائتني بماء" فعلمت الذي يريده ، فملأت القعب ماء ، فأتيته به ، فأخذ منه بفيه ، ثم مجه فيه ، ثم صبه على رأسي وبين يدي ، ثم قال : "اللهم ، إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" ثم قال لي : "أدبري" فأدبرت فصب بين كتفي ثم  [ ص: 44 ] قال : "اللهم ، إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" ثم قال لي : "ادخل على أهلك باسم الله والبركة" . 
الثالث : في أنها كانت أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم  
روى  الطبراني  برجال الصحيح عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة   وعلي   -رضي الله تعالى عنهما- وهما جالسان يضحكان ، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما لكما كنتما تضحكان ، فلما رأيتماني سكتما" فبادرت فاطمة   -رضي الله تعالى عنها- فقالت : بأبي أنت يا رسول الله ، قال هذا : أنا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك ، فقلت : بل أنا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "يا بنية لك رقة الولد ،  وعلي  أعز علي منك" . 
وروى  أبو داود الطيالسي   والطبراني  في الكبير ،  والحاكم   والترمذي  وقال : حسن ،  وأبو القاسم البغوي  في معجمه عن  أسامة بن زيد   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "أحب أهل بيتي إلي فاطمة" .  
وروى  الطبراني  عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- أن  علي بن أبي طالب   -رضي الله تعالى عنه- قال : يا رسول الله ، أينا أحب إليك أنا أم فاطمة ؟  قال :  "فاطمة  أحب إلي منك ، وأنت أعز علي منها" . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					