الباب الخامس عشر في ذكر من خطبها - صلى الله عليه وسلم - ولم يعقد عليها أو عرضت نفسها أو عرضت عليه  
  خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسوة ولم يعقد عليهن لأمر اقتضى ذلك وهن : جمرة ، بضم الجيم وسكون الميم وبالراء ، بنت الحارث بن عوف بن مرة بن كعب بن ذبيان   . 
  روى ابن أبي خيثمة  عن  قتادة بن دعامة   وأبو عبيدة معمر بن المثنى   - رحمهما الله تعالى - قالا : خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبوها : إن بها سوادا ، ولم يكن بها شيء فرجع إليها أبوها وقد برصت ، وهي أم شبيب بن البرصاء  ، قال الحافظ ابن حجر  في الإصابة : جمرة بنت الحارث بن عوف هي البرصاء  ، تقدمت ، وقال في الباء الموحدة : البرصاء  والدة شبيب بن البرصاء  ، وذكر نحو ما تقدم ، ثم قال : ويقال اسمها أمامة  ، وقيل : قرصافة   . 
  وقال في القاف : قرصافة بنت الحارث بن عوف  يقال : هو اسم البرصاء  ، وجدها في ترجمة والدها . 
  وقال في حرف الحاء : من الرجال الحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني  كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خطب إليه ابنته ، فقال : لا أرضاها لك ، إن بها سوادا ، ولم يكن بها فرجع فوجدها قد برصت فتزوجها ابن عمها يزيد بن جمرة المزني  ، فولدت له شبيبا  فعرف بابن البرصاء  واسم البرصاء  قرصافة  ، ذكر ذلك  الرشاطي  ، قلت : فهذا كما ترى لا ذكر لجمرة  في هذه المواضع . 
  جمرة بنت الحارث بن أبي حارثة المزنية  ، ذكرها عبد الملك النيسابوري  عن  قتادة  ، هكذا فرق الحارث قطب الدين الحلبي  في المورد بينها ، وبين التي قبلها ، وليس بجيد ، فإنهما واحدة بلا شك . 
  حبيبة بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارية   . 
  وروى ابن سعد  عن عمرة بنت عبد الرحمن  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد هم أن يتزوج سهلة  ثم تركها  . 
  خولة  بالخاء المعجمة المفتوحة فواو ساكنة فلام ، فتاء تأنيث ، وقيل : خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن مرة بن الأرقص بن مرة بن هلال السلمية   . 
  روى  البخاري  في صحيحه عن  عروة  ، ووصله  أبو نعيم  عن  عائشة   - رضي الله تعالى عنها - قالت : كانت خولة بنت حكيم  من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي - صلى الله عليه وسلم  - وقال هشام بن الكلبي  كانت ممن وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - زاد  ابن الجوزي  في التنقيح فأرجأها ، فتزوجها  عثمان بن مظعون   . 
 [ ص: 234 ] سودة القرشية  ، روى  ابن منده  وغيره عن  ابن عباس   - رضي الله تعالى عنهما - قال : أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج سودة القرشية  ، فقالت له : إنك أحب البرية إلي ، وإن لي صبية أكره أن يتضاغوا عند رأسك بكرة وعشية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير نساء ركبن الإبل نساء قريش  ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه لبعل في ذات يده ، وأصله في صحيح  مسلم  من وجه آخر لكن لم يسمها ورواه الإمام  أحمد   وأبو يعلى  بسند لا بأس به . 
  يتضاغون : بضاد وغين معجمتين - يصيحون . 
  صفية بنت بشامة - بفتح الموحدة وتخفيف الشين المعجمة ابن نضلة ،  بفتح النون وسكون الضاد المعجمة . 
  وروى ابن سعد  من طريق  محمد بن السائب  عن  ابن عباس   - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبها وكان أصابها سباء ، فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين نفسه الكريمة وبين زوجها ، فأرسلها فلعنتها بنو تميم  ، ذكر  ابن حبيب  من المحبر في هذا الباب . 
  ضباعة ، بضم الضاد المعجمة وتخفيف الموحدة وبالعين المهملة بنت عامر بن فرط بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة  أسلمت قديما - رضي الله تعالى عنها - بمكة  بعد عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه الكريمة على بني عامر  ، وهاجرت ، ذكرها  ابن الجوزي  ،  وابن عساكر  في هذا الباب وكانت من أجمل نساء العرب ، وأعظمهن خلقا ، وكانت إذا جلست أقدت من الأرض شيئا كثيرا ، وكانت تغطي جسدها مع عظمه بشعرها وكانت تحت هوذة ، بفتح الهاء وسكون الواو وبالذال المعجمة ابن علي الحنفي  ، فمات عنها ، فتزوجها عبد الله بن جدعان  فلم يلق بخاطرها ، فسألته طلاقها ، ففعل ، فتزوجها هشام بن المغيرة  ، فولدت له سلمة  ، وكان من خيار عباد الله فلما هاجرت خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابنها فقال : يا رسول الله ، ما عنك مدفع فأستأمرها ، قال : نعم فأتاها فأخبرها . فقالت : إنا لله وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستأمرني ، ارجع إليه ، فقل له : نعم . 
  قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذهاب ابنها إليها : إن ضباعة  ليست كما تعهد ، قد كثرت غضون وجهها (وسقطت ) أسنانها من فيها ، فلما رجع سلمة  وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قالت : فسكت عنه . 
  نعامة  ، عدها وما بعدها في الأزواج إن أريد به الخطبة فواضح ، وإلا فالأنسب ذكرها في الباب قبل هذا فليحرر ولم يذكر اسم أبيها ، وهي من سبي بني العنبر  كانت امرأة جميلة عرض عليها  [ ص: 235 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها فلم يلبث أن جاء زوجها الحريش الدباغ  في ذيل الاستيعاب وأقروه . 
  أم شريك بنت جابر الغفارية  ، قال  ابن عمر  ذكرها أحمد بن صالح  في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللاتي لم يدخل بهن . 
   أم شريك الأنصارية  ، قيل : هي بنت أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد الأنصارية  من بني عبد الأشهل  ، وقيل : هي بنت خالد بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة الأنصارية  ، وقيل : غيرهما ، وقيل : أم شريك بنت أبي العسكر بن تيمي  وفي صحيح  مسلم  عن فاطمة بنت قيس  في قصة الجساسة : في حديث  تميم الداري  قال : وفيه وأم شريك  امرأة غنية عظيمة النفقة في سبيل الله عز وجل - ينزل عليها الضيفان ، فالله أعلم من هي ؟ 
  وروى ابن أبي خيثمة  عن  قتادة   - رضي الله تعالى عنه - قال : تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  أم شريك الأنصارية  ، وقال : إني أحب أن أتزوج من الأنصار  ، ثم قال : إني أكره غيرة الأنصار  ، فلم يدخل بها  . 
  أم شريك الدوسية  ، روى ابن سعد  وابن شيبة   وعبد بن حميد  ،  وابن جرير   وابن المنذر  ،  والطبراني  عن علي بن الحسين بن علي  في قوله تعالى : وامرأة مؤمنة   [الأحزاب 50 ] إن أم شريك الأزدية  هي التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - . 
  ورواه أيضا عن عكرمة  وروى ابن سعد  عن عكرمة  في الآية قال : ها أم شريك الدوسية  وروى أيضا عن منير بن عبد الله الدوسي  أن أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية  عرضت نفسها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت جميلة ، فقبلها ، فقالت  عائشة   : ما من امرأة حين وهبت نفسها من خير ، قالت أم شريك   : فأنا تلك ، فسماها الله تعالى - مؤمنة ، فقال تعالى : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي   [الأحزاب 50 ] أنا وهبت نفسي للنبي فلما نزلت هذه الآية قالت  عائشة   : إن الله ليسرع في هواك  . 
  وروى  النسائي  برجال ثقات عن أم شريك   - رضي الله تعالى عنها - أنها كانت ممن وهبت نفسها  . 
  وروى  البخاري  وابن أبي خيثمة  عن ثابت  قال : كنت عند  أنس   - رضي الله تعالى عنه - وعنده بنت له ، فقال  أنس   : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، ألك حاجة ؟ فقالت بنت أنس   : ما أقل حياءها واسوأتاه ! ، فقال  أنس   : هي خير منك رغبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرضت نفسها عليه  . 
 [ ص: 236 ] وروى برجال ثقات عن  ابن عباس   - رضي الله تعالى عنهما - قال : لم يكن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة وهبت نفسها  . 
  أم شريك القرشية العامرية  من بني عامر بن لؤي   . قال ابن سعد   : كان محمد بن عمر  يقول هي من بني معيص بن عامر بن لؤي   . وكان غيره ، يقول : هي دوسية من الأسد  ثم أسند عن  الواقدي  عن موسى  عن محمد بن إبراهيم  عن التيمي  عن أبيه ، قال : كانت أم شريك  من بني عامر بن لؤي  معيصية وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقبلها ، فلم تتزوج حتى ماتت  . 
  قال الحافظ ابن حجر  في الإصابة : بعد كلام كثير على اختلاف الروايات والذي يظهر في الجمع أن أم شريك  واحدة اختلف من نسبها عامرية من قريش  أو أنصارية ، أو أزدية من دوس  واجتماع هذه النسب الثلاث يمكن أن يقال : قرشية تزوجت في دوس  فنسبت إليهم ، ثم تزوجت من الأنصار  فنسبت إليهم أو لم تتزوج بل نسبت أنصارية بالمعنى الأعم . 
   أم هانئ فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب  خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عمه أبي طالب  ، وخطبها هبيرة بن عمرو المخزومي  فزوجها أبو طالب  هبيرة  فعاتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو طالب   : يا ابن أخي ، إنا قد صاهرنا إليهم ، والكريم يكافئ الكريم ، ثم فرق الإسلام بين  أم هانئ  وهبيرة  فخطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : كنت أحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام ؟ وإني امرأة مصبية . 
  فأكره أن يؤذوك فقال : خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش  أحناه على ولد  . 
  وروى  الطبراني  برجال ثقات عن  أم هانئ  قالت : خطبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ما لي عنك رغبة يا رسول الله ولكني لا أحب أن أتزوج وبني صغار - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ، أحناه على طفل في صغره ، وأرعاه على بعل في ذات يده وامرأة لم تسم ، قيل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب امرأة فقالت : حتى (أستأذن من ) أبي ، فأذن لها فعادت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قد التحفنا لحافا غيرك ، وعرضت عليه - صلى الله عليه وسلم - امرأتان فردهما لمانع شرعي . 
    الأولى : أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب  فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هي ابنة أخي من الرضاعة . 
  الثانية : عزة بفتح العين المهملة والزاي المشددة بنت أبي سفيان بن حرب  فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تحل ما كان لي أختها  أم حبيبة  ، وحديثهما في الصحيح وغيره . 
  انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					