الباب السادس عشر في إرساله- صلى الله عليه وسلم- شجاع بن وهب   - رضي الله تعالى عنه- إلى الحارث بن أبي شمر الغساني  ملك البلقاء   
قاله  ابن إسحاق   والواقدي   . 
قال في زاد المعاد : وقيل إنما توجه لجبلة بن الأيهم   : هو ابن وهب شجاع بن ربيعة بن أسد الأسدي   . 
قال في زاد المعاد : وقيل : توجه لهما معا ، وقيل : لهرقل  مع دحية بن خليفة  والله أعلم . 
أسلم قديما ، وهاجر إلى الحبشة  الهجرة الثانية ، وعاد إلى مكة  ، ثم هاجر إلى المدينة  ، وشهد بدرا  والمشاهد كلها ، استشهد باليمامة  وهو ابن بضع وأربعين سنة بعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحارث بن أبي شمر  ذكره  الواقدي   وابن إسحاق   وابن حزم  ، وقال ابن هشام   . توجه لجبلة بن الأيهم  ، وقال  أبو عمر  لهما معا 
قال محمد بن عمر الأسلمي   : قال  الواقدي   وابن إسحاق  وغيرهما إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث شجاع بن وهب  إلى الحارث بن  [ ص: 359 ] 
أبي شمر  ، وكتب معه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد  رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحارث بن أبي شمر  ، سلام على من اتبع الهدى وآمن به ، وصدقه ، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبق لك ملكك ، 
وختم الكتاب ، وخرج به ، قال شجاع   : فأتيته به وهو بغوطة دمشق  مشغول بتهيئة الأموال والألطاف لقيصر  ، وقد جاء من حمص  إلى إيلياء  ، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة ، فقلت لحاجبه : إني رسول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى صاحبك ، فقال : لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا كذا ، وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مري  يسألني عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وما يدعو إليه ، فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ، ويقول : إني قد قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي فأنا أومن به وأصدقه ، وأخاف من الحارث  أن يقتلني . وكان الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث  باليأس منه الحاجب ويقول : هو يخاف قيصر  فخرج الحارث  يوما وجلس للناس ، ووضع التاج على رأسه ، فأذن لي ، فدخلت عليه ، ودفعت إليه الكتاب فقرأه ، ثم رمى به ، وقال : من ينتزع مني ملكي! أنا سائر إليه ، ولو كان باليمن  جئته ، علي بالناس ، فلم يزل يفرض حتى قام ، ثم أمر بالخيل أن تنعل ، وقال : أخبر صاحبك ما ترى ، وكتب إلى قيصر  يخبره خبري وما عزم عليه ، فكتب إليه قيصر  ألا تسير إليه واله عنه ، ووافني بإيلياء  ، فلما جاءه جواب كتابه دعاني ، فقال : متى تريد أن تخرج لصاحبك ؟ 
فقلت : غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا ، ووصلني مري  ، وأمر لي بكسوة ونفقة ، 
وقال : أقرئ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مني السلام- وأخبره أني متبع دينه قال شجاع   : فقدمت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال : «باد ملكه» وأقرأته من مري  السلام ، وأخبرته بما قال ، فقال : 
صدق ، 
ومات الحارث بن أبي شمر  عام الفتح  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					