تنبيهات 
الأول : قال ابن كثير  وغيره : وصلاتهم عليه فرادى لم يؤمهم أحد عليه أمر مجمع عليه لا خلاف فيه .  [ ص: 331 ] 
قال ابن كثير   : فلو صح حديث  ابن مسعود؛  أي السابق في باب جمعه أصحابه لكان نصا في ذلك ، ويكون في باب التعبد الذي لا نعقل معناه . 
قلت : الحديث سنده جيد ، وليس لأحد أن يقول إنه لم يكن لهم إمام؛ لأنهم إنما شرعوا في تجهيزه- عليه الصلاة والسلام- بعد تمام بيعة  أبي بكر   . 
وقد اختلف في تعليله ، فقال الإمام  الشافعي   : إنما صلوا عليه فرادى لعظم أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي وتنافسهم فيمن يتولى الصلاة عليه ، وصلوا مرة بعد أخرى . انتهى . 
قال بعض العلماء : إنما لم يؤمهم أحد ليباشر كل واحد من الناس الصلاة عليه منه إليه ، ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد أخرى ، من كل فرد فرد من آحاد الصحابة ، رجالهم ونسائهم ، وصبيانهم ، حتى العبيد والإماء . 
قال السهيلي  وغيره : أن المسلمين صلوا عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد ، كلما جاءت طائفة صلت عليه ، وهذا مخصوص به- صلى الله عليه وسلم- ولا يكون هذا الفعل إلا عن توقيف . 
وكذلك روي أنه أوصى بذلك . ذكره  الطبري   [مسندا] ووجه الفقه فيه أن الله تعالى افترض الصلاة علينا عليه بقوله صلوا عليه وسلموا تسليما   [الأحزاب : 56] وحكم هذه الصلاة التي تضمنتها الآية أن لا تكون بإمام ، والصلاة عليه عند موته داخلة في لفظ الآية ، وهي متناولة لها وللصلاة عليه على كل حال . 
وأيضا : فإن الرب تبارك وتعالى [قد أخبر أنه يصلي عليه وملائكته ، فإذا كان الرب تعالى] هو المصلي والملائكة ، قيل : المؤمنين ، وجب أن تكون صلاة المؤمنين تبعا لصلاة الملائكة وأن تكون الملائكة هم الإمام . انتهى . 
وقال  أبو عمر   - رحمه الله تعالى- : وصلاة الناس عليه أفذاذا لم يؤمهم أحد  أمر مجمع عليه عند أهل السنة وجماعة أهل النقل لا يختلفون فيه ، ووافق أبا عمر  على ذلك خلائق من العلماء حكوا فيه الإجماع ، وتعقب  أبو عمر  بعض المغاربة بأن ابن القصار ،  حكى الخلاف هل صلوا عليه الصلاة المعهودة أو دعوا فقط ؟ وهل صلوا أفرادا أو جماعة ؟ واختلفوا فيمن أم بهم . 
فقيل :  أبو بكر  ، وروي ذلك بإسناد لا يصح فيه حرام بن عثمان  وهو ضعيف جدا . 
قال  ابن دحية :  وهو ضعيف بيقين لضعف رواته وانقطاعه ، وتعقبه بعض العلماء بوجوه . 
الأول : أن الموجود في كتب «المغازي» و «الحديث» هو ما ذكره ولم يوجد أنهم صلوا عليه بإمام في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف . 
الثاني : قال الإمام  الشافعي ،  ويحيى بن معين ،  والجوزجاني   : الرواية عن حرام .   [ ص: 332 ] 
وقال الإمام  مالك  ويحيى :  ليس بثقة ، واتهمه غير واحد من الحفاظ . 
الثالث : حديث  ابن مسعود  السابق ، وقد ورد من طرق يقوي بعضها بعضا ويرتقي بها الحديث إلى قريب من درجة الحسن ، وهو نص فيما قاله  أبو عمر .  
قال أبو الخطاب بن دحية   : والصحيح أن المسلمين صلوا عليه فرادى لا يؤمهم أحد ، وبه جزم الإمام  الشافعي   - رضي الله تعالى عنه- قال : وذلك لعظم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي ، وتنافسهم فيمن يتولى الصلاة عليه وصلوا عليه مرة بعد أخرى . 
قال ابن كثير   : وعلى تقدير صحته يكون ذلك من باب التعبد الذي لا يعقل معناه . 
والصحيح الذي عليه الجمهور أن صلاة الصحابة عليه كانت حقيقة لا مجرد الدعاء فقط ، قاله  القاضي عياض ،  وتبعه النووي  رحمهما الله تعالى . 
وذهب شرذمة إلى أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يصل عليه الصلاة المعتادة ، وإنما كان الناس يأتون فيدعون ويترحمون . 
قال الباجي   : ووجه : أنه- صلى الله عليه وسلم- أفضل من كل شهيد ، والشهيد يغنيه فضله عن الصلاة عليه ، فرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أولى ، قال : وفارق الشهيد في الغسل؛ لأن الشهيد حذر من غسله  لإزالة الدم عنه ، وهو مطلوب بقاؤه لطيبه ، ولأنه عنوان شهادته في الآخرة ، وليس على النبي- صلى الله عليه وسلم- ما يكره إزالته فافترقا . 
الرابع : قال في «المورد» نقلت من خط شيخنا الحافظ الزاهد أبي عبد الله محمد بن عثمان المعروف بالضياء الرازي  قال : قال سحنون بن سعيد :  سألت جميع من لقيت من فقهاء الأمصار من أهل المغرب  والمشرق ، عن الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته : هل صلوا عليه ؟ وكم كبر عليه ؟  فكل لم يدر حتى قدمت المدينة ، فلقيت عبد الله بن ماجشون ،  فسألته فقال : صلى عليه اثنان وتسعون صلاة ، وكذلك صلى على عمه  حمزة ،  قال : قلت : من أين لك هذا دون الناس ؟ قال : وجدتها في الصندوق التي تركها مالك ، وفيه عميقات المسائل ومشكلات الأحاديث بخطه عن نافع عن  ابن عمر   - رضي الله تعالى عنهما- . 
قال الحافظ أبو الفضل العراقي  في سيرته المنظومة . 
وليس هذا بمتصل الإسناد عن مالك في كتب النقاد . 
الخامس : في بيان غريب ما سبق : 
السرير : أرسالا :  [ ص: 333 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					