ذكر خروج قريش من مكة   
خرجوا منها لخمس من شوال ، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة ، لئلا يفروا ، وخرج أبو سفيان  بزوجته هند بنت عتبة  ، وكذلك أشراف قريش وكبراؤهم خرجوا معهم بنسائهم ، ومعهن الدفوف يبكين قتلى بدر  ، ودعا  جبير بن مطعم  غلاما له حبشيا يقال له وحشي - وأسلما بعد ذلك - يقذف بحربة له قذف الحبشة  قل ما يخطئ بها ، فقال له : اخرج مع الناس فإن أنت قتلت  حمزة  عم محمد  بعمي طعيمة  فأنت حر . وكانت هند بنت عتبة  كلما مرت بوحشي أو مر بها تقول : «ويها أبا دسمة ، اشف واستشف » كان وحشي يكنى أبا دسمة   . 
وكان أبو عامر الفاسق [عبد ] عمرو بن صيفي  قد خرج في خمسين رجلا من المنافقين إلى مكة  ، وحرض قريشا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسار معها وهو يعدها أن قومه يؤازرونهم ، وهمت قريش وهي بالأبواء  بنبش قبر آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، ثم كفهم الله تعالى عن ذلك . 
روى أبو الوليد الأزرقي  عن هشام بن عاصم الأسلمي  ، قال : لما خرجت قريش  إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد  فنزلوا بالأبواء  قالت هند بنت عتبة  لأبي سفيان   : أوبحثتم قبر أم محمد فإنها بالأبواء  ، فإن أسر أحدا منكم فديتم كل إنسان بإرب من آرابها ، فذكر ذلك لقريش وقال : هذا الرأي ، فقالت قريش : لا تفتح هذا الباب لئلا تفتح بنو بكر  موتانا . 
وشاع خبر قريش  ومسيرهم في الناس ، وأرجفت اليهود والمنافقون ، وقدم عمرو بن سالم الخزاعي  في نفر قد فارقوا قريشا من ذي طوى  ، فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم الخبر وانصرفوا ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنسا  ومؤنسا  ابني فضالة  الظفريين - ليلة الخميس ليال مضت من شوال - عينين ، فاعترضا لقريش  بالعقيق  ، وعادا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بخبرهم ، وأنهم قد خلوا إبلهم وخيلهم في الزرع الذي بالعريض ، حتى تركوه ليس به خضر ، وترك المشركون ظاهر المدينة  بعينين : جبل ببطن السبحة من قناة على شفير الوادي ، مقابل المدينة   - يوم الأربعاء ، فرعت إبلهم آثار الحرث والزرع يوم الخميس ويوم الجمعة ، لم يتركوا خضراء ، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحباب - بضم المهملة وتخفيف الموحدة - ابن المنذر بن الجموح  إليهم أيضا ، فنظر إليهم وعاد وقد حزر عددهم وما معهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تذكر من شأنهم حرفا ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، اللهم بك أجول وبك أصول » . 
وباتت وجوه الأوس   [ ص: 184 ] والخزرج  ليلة الجمعة عليها السلاح في المسجد بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خوفا من بيات المشركين ، وحرست المدينة  حتى أصبحوا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					