ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد   
ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه السكب ، وتقلد القوس ، وأخذ قناة بيده ، والمسلمون عليهم السلاح ، منهم مائة دارع ، وخرج السعدان أمامه يعدوان :  سعد بن معاذ  ،  وسعد بن عبادة  ، كل منهما دارع ، والناس عن يمينه وشماله ، حتى إذا انتهى إلى رأس الثنية رأى كتيبة خشناء لها زجل فقال : ما هذا ؟ قالوا : هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي  من يهود ، فقال : أسلموا ؟ فقيل : لا ، فقال : إنا لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك . 
 [ ص: 187 ] وسار صلى الله عليه وسلم فعسكر بالشيخين ، وهما أطمان ، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكره ، فاستصغر غلمانا فردهم . قال الإمام  الشافعي  رضي الله تعالى عنه فيما نقله الشيخ نجم الدين القمولي - بفتح القاف وضم الميم - في بحره : أنه صلى الله عليه وسلم رد سبعة عشر شابا عرضوا عليه ، وهم أبناء أربع عشرة سنة ، لأنه لم يرهم بلغوا ، وعرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة ، فأجازهم . انتهى . 
وهم :  عبد الله بن عمر  ،  وزيد بن ثابت  ،  وأسامة بن زيد  ، والنعمان بن بشير   - وفي ذكره نظر ، لأنه ولد في السنة الثانية قبل أحد بسنة -  وزيد بن أرقم  ،  والبراء بن عازب   - وروى السراج  عنه أنه شهدها - ورافع بن خديج  ، وأسيد بن ظهير   - بضم الهمزة ، وأبوه ظهير بضم الظاء المعجمة - وعرابة بن أوس بن قيظي   - بفتح القاف وسكون التحتية وبالظاء المعجمة المشالة ، وأوس هذا كان منافقا -  وأبو سعيد الخدري   - بالخاء المعجمة والدال المهملة - وأوس بن ثابت الأنصاري  ، كذا رواه ابن فتحون  عن ابن عمر بن الخطاب  ، وسعد بن بحير   - بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة ، قاله  الدارقطني   . وقال ابن سعيد   : بضم الموحدة وكسر الجيم - ابن معاوية البجلي  حليف الأنصار ، وسعيد ابن حبتة  بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة فوقية مفتوحة فتاء تأنيث - وهي أمه ، ولما كان يوم الخندق  رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل قتالا شديدا ، فدعاه ومسح على رأسه ودعا له بالبركة في نسله وولده ، فكان عما لأربعين ، وأخا لأربعين ، وأبا لعشرين ، ومن ولده أبو يوسف القاضي  الإمام ، وسعد بن عقيب   - بعين مهملة مضمومة فقاف مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فموحدة وزن زبير - وزيد بن جارية - بالجيم والمثناة التحتية - ابن عمرو بن عوف  ، وهو أخو مجمع بن جارية  ،  وجابر بن عبد الله  ، وليس بالذي يروى عنه الحديث .  وسمرة بن جندب  ، ثم أجاز  رافع بن خديج  لما قيل له : إنه رام ، فقال  سمرة بن جندب  لزوج أمه مري - بالتصغير - ابن سنان   : أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم  رافع بن خديج  وردني وأنا أصرعه ، فأعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «تصارعا » ، فصرع سمرة رافعا فأجازه ، ونزل عبد الله بن أبي ابن سلول  ناحية ، فلما فرغ العرض وغابت الشمس أذن  بلال  بالمغرب ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ، ثم أذن بالعشاء فصلى بهم ، وبات بالشيخين ، واستعمل على الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة  في خمسين رجلا يطوفون بالعسكر . وقال صلى الله عليه وسلم : «من يحفظنا الليلة ؟ » فقام ذكوان بن عبد قيس  فلبس درعه ، وأخذ درقته ، فكان يحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقه ، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان السحر ، فصلى الصبح ، ثم قال : «أين الأدلاء ؟ من رجل يخرج بنا من كثب لا يمر بنا عليهم ؟ » فقام أبو خيثمة الحارثي  - كذا عند  ابن إسحاق  بخاء معجمة فتحتية فثاء مثلثة ، وعند ابن سعد  وغيره : حتمة ، بفتح الحاء المهملة والمثناة الفوقية بعدها ميم فتاء تأنيث ، وصوبه أبو الفتح   . 
 [ ص: 188 ] قال الحافظ في الإصابة : ولم يأت على ذلك بدليل إلا قول أبي عمر   : ليس في الصحابة أبي خيثمة  سوى الجعفي والسالمي ، وفي هذا الحصر نظر - فقال أبو خيثمة   : أنا يا رسول الله ، فسلك به في حرة بني حارثة  وبين أموالهم ، حتى سلك في ماء مربع - بكسر الميم وفتح الموحدة - ابن قيظي   - بفتح القاف فمثناة تحتية فظاء معجمة مشالة - وكان منافقا ضرير البصر ، فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثو التراب في وجوههم ، ويقول : إن كنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي ، وذكر أنه أخذ حفنة من تراب في يده ، ثم قال : والله لو أعلم أني لا أصيب غيرك فضربت بها وجهك . فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر » . وقد بدر إليه سعد بن زيد الأشهلي  قبل نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربه بالقوس فشجه ، فغضب له ناس من بني حارثة  وهم قومه ، وكانوا على مثل رأيه ، فهم بهم  أسيد بن حضير  حتى أومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكف . وذب فرس  أبي بردة بن نيار   - بكسر النون وتخفيف المثناة التحتية وآخره راء - بذنبه ، فأصاب كلاب سيفه فاستله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يحب الفأل الحسن ولا يعتاف   : «يا صاحب السيف ، شم سيفك ، إني أخال السيوف ستسل اليوم فيكثر سلها » . 
				
						
						
