ذكر انهزام المشركين وإرسال الله تعالى عليهم البرد والريح والملائكة تزلزلهم 
قال  ابن إسحاق   : وبعث الله الريح في ليلة باردة شاتية . فجعلت تكفأ قدورهم ، وتطرح آنيتهم   . 
وروى ابن سعد  ، عن  سعيد بن جبير  قال : لما كان يوم الخندق أتى جبريل ومعه الريح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى جبريل : «ألا أبشروا !» 
ثلاثا ، فأرسل الله تعالى عليهم الريح ، فهتكت القباب ، وكفأت القدور ، ودفنت الرجال ، وقطعت الأوتاد ، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد ، وأنزل الله تعالى : إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها   [الأحزاب 9] . 
وروى  ابن أبي حاتم   وأبو نعيم   والبزار  برجال الصحيح ، عن  ابن عباس  رضي الله عنهما قال : لما كانت ليلة الأحزاب جاءت الشمال إلى الجنوب فقالت : انطلقي فانصري الله ورسوله ، فقالت الجنوب : إن الحرة لا تسري بالليل ، فغضب الله تعالى عليها فجعلها عقيما ، وأرسل الصبا ، فأطفأت نيرانهم ، وقطعت أطنابهم ، 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور»   . 
وروى الإمام  أحمد  والشيخان  والنسائي  عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور»  .  [ ص: 387 ] 
وروى  البيهقي  عن  مجاهد  في قوله تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا  قال : يعني ريح الصبا ، أرسلت على الأحزاب يوم الخندق ، حتى كفأت قدورهم على أفواهها ، ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم . وجنودا لم تروها قال : الملائكة . قال : ولم تقاتل يومئذ . 
وروى  ابن جرير   وابن أبي حاتم  عن  قتادة  قال : بعث الله تعالى عليهم الريح والرعب كلما بنوا قطع الله أطنابه ، وكلما ربطوا دابة قطع الله رباطها ، وكلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، حتى لقد ذكر لنا : أن سيد كل حي يقول : يا بني فلان ، هلم إلي حتى إذا اجتمعوا عنده قال : «النجاة النجاة ، أتيتم» ! لما بعث الله تعالى عليهم من الرعب . 
قال  البلاذري   : ثم إن الله تعالى نصر المسلمين عليهم بالريح ، وكانت ريحا صفراء فملأت عيونهم ، فداخلهم الفشل والوهن وانهزم المشركون ، وانصرفوا إلى معسكرهم ، ودامت عليهم الريح ، وغشيتهم الملائكة تطمس أبصارهم ، فانصرفوا ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا   [الأحزاب 25] . 
قال أبو الخطاب بن دحية   : هذه الملائكة بعثها الله تعالى فنفثت في روعهم الرعب والفشل ، وفي قلوب المؤمنين القوة والأمل ، وقيل : إنما بعث الله الملائكة تزجر خيل العدو وإبلهم ، فقطعوا مدة ثلاثة أيام في يوم واحد . فارين منهزمين . 
				
						
						
